البنون والبنات لتغير نظم المفرد فيهما ، وبه صرّح ابن مالك في التسهيل ، بل نقل الرضيّ والشاطبيّ (١) الإجماع على ذلك.
«و» لك الخيار أيضا مع المؤنّث الحقيقيّ المنفصل ، فإن شيءت ذكرت العلامة ، وإن شيءت تركتها ، لكن «يترجّح ذكرها مع الفصل بغير إلا» الاستثنائية الإيجابية ، «نحو : دخلت الدار هند ،» لأنّ المسند إليه (٢) في الحقيقة هو المؤنّث ، سواء كان ثمّ فصل أو لم يكن.
وإنّما اغتفروا تركها مع الفصل لطول الكلام ، ولأنّ الفعل بعد عن الفاعل المؤنّث ، وضعفت العناية به ، وصار الفعل كالعوض من تاء التأنيث ، فأجازوا الترك ، وإليه أشار ممثلا بقوله ، أو دخل الدار هند. قال الشاعر [من البسيط] :
٨٨ ـ إنّ امرء غرّه منكنّ واحدة |
|
بعدي وبعدك في الدنيا لمغرور (٣) |
وقال المبرّد : لا يجوز مع الفصل بغير إلا غير التأنيث ، وما ذكره المصنّف هو الصحيح المشهور ، والتقييد بالحقيقيّ هو المفهوم من تمثيله ، ولو كان المؤنّث غير حقيقيّ ، وفصّل ، ترجّح تركها ، إظهارا لفضل الحقيقيّ على غيره ، سواء كان بإلا أو غيرها ، كذا قالوا.
قال الدمامينيّ : والّذي يظهر لي عكس ذلك ، وهو أن يكون الإتيان بالعلامة في الصورة المذكورة أرجح بدليل كثرته في الكتاب العزير وفشوه فيه جدّا ، فوقع فيه من ذلك ما يزيد على مأتي موضع ، والوارد فيه بترك العلامة خمسون موضعا ، أو نحوها وأكثرية أحد الاستعمإلين دليل أرجحيته ، فينبغي المصير إلى القول : بأنّ الإتيان بالعلامة في ذلك أحسن وأفصح ، وتركها حسن فصيح ، «و» يرجّح تركها «مع الفصل بها» أي بإلّا ، «نحو : ما قام إلا امرأة» ، مع جواز ما قامت إلا امراة ، على المرجوحية. والبصريّون إلّا الأخفش أوجبوا التّرك ، قالوا : لأنّ الفاعل في الحقيقة مذكّر محذوف ، والتقدير ما قام أحد إلا امرأة ، وأمّا المذكور بعد إلا فهو بدل منه.
وخصّص بعضهم جواز التأنيث بالشعر ، كقوله [من الرجز] :
٨٩ ـ ما برئت من ريبة وذمّ |
|
في حربنا إلّا بنات العمّ (٤) |
__________________
(١) الشاطبي هو أبو إسحاق إبراهيم بن موسى ، تلقّي العربيّة عن أئمة المغاربة ، صنف : شرحا على الألفية ، ومن آرائه الصائبة الاستشهاد بالحديث ، توفي بالأندلس سنة ٧٩٠ ه. نشأة النحاة ص ١٥٧.
(٢) لأنّ المسند «م وط».
(٣) لم يسمّ قائله.
(٤) هو مجهول الشاعر. اللغة : الربية : الشك.