والصحيح جوازه في النثر أيضا نظرا إلى ظاهر اللفظ ، ومنه قراءة بعضهم إن كانت إلا صحيحة واحدة [يس / ٢٩] ، بالرفع فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم [الأحقاف / ٢٥] ، بضمّ التاء من ترى ، ورفع مساكنهم.
«ويرجّح» الترك أيضا «في باب نعم وبئس ، نحو : نعم أو بئس المرأة هند» ، مع (١) جواز نعمت ، أو بئست المرأة هند. فالتذكير على إرادة الجنس ، إذ ليس المراد امرأة واحدة ، بل المراد الجنس ، فمدحوه ، أو ذمّوه عموما ، ثمّ خصّوا من أرادوا مدحه أو ذمّه ، مبالغة بذكره مرّتين ، والتأنيث على مقتضي الظاهر.
تنبيه : حكم الوصف حكم الفعل المذكور ، فتلازمه العلامة إن كان الفاعل مؤنّثا حقيقيّا ، نحو : زيد قائمة أمّه ، ويجوز الوجهان في اللفظيّ ، نحو : اليوم طالعة أو طالع الشمس.
تتمّة : اللغة المشهورة أن لا يلحق عامل الفاعل إذا كان مثنّى أو مجموعا علامة تدلّ على تثنيته أو جمعه ، كما دلّت التاء على تأنيثه ، لأنّهما يعلمان من لفظه دائما بخلاف تانيثه ، فإنّه قد لا يعلم من لفظه بأن يكون مقدّرا لتأنيث ، مع أنّ في الإلحاق هنا زيادة ثقل بخلاف ثمّ ، ومن العرب من ألحق ظاهرا أو ضميرا منفصلا ألف التثنية وواو الجمع ونون الإناث ، فيقول : قاما أخواك ، وقاموا إخوتك ، وقمن الهندات ، وما قاما إلا هما ، وما قاموا إلا هم ، وما قمن إلا هنّ ، ومنه قوله عليه الصلوة والسّلام : أو مخرجي هم (٢).
قال أبو حيّان في الإرتشاف ، وذكر بعضهم أنّها من لغة أزد شنوءة (٣) وأباهم سيبويه فقال : وأعلم أنّ من العرب من يقول : ضربوني قومك وضرباني أخواك. ويسمّيها بعضهم لغة «أكلوني البراغيث» ، وابن مالك يقول : لغة يتعاقبون فيكم ملائكة ، قال : والمختار أنّها علامات تدلّ على التثنية والجمع. وذهب بعض النحاة إلى أنّها ضمائر ، واختلفوا ، فقال قوم ما بعدها منها ، وقال قوم مبتدأ ، والجملة السابقة خبر (٤) ، وهذه اللغة عند جمهور النّحويّين ضعيفة ، وكثرة ورود ذلك تدلّ على أنها غير ضعيفة ، انتهى. ثمّ الصحيح أنّها لا تمتنع مع المفردين أو المفردات المتعاطفة خلافا للخضراويّ (٥).
__________________
(١) في «س» من الأية حتى هنا محذوف.
(٢) صحيح البخاري ، ١ / ٦٠ رقم ٣.
(٣) هم حيّ باليمن ، ينسب إليهم شنائي. خزانة الأدب ٦ / ٤٦٠.
(٤) يبدو أنّ أحسن إعراب لمثل هذه الجملة هو أن نقول : الضمير البارز هو الفاعل ، والاسم الظاهر بدل من الضمير.
(٥) محمد بن يحيي بن هشام الخضراويّ ، صنّف : فصل المقال في أبنية الأفعال ، الافصاح بفوائد الايضاح ، ومات سنة ٦٤٦ ه. بغية الوعاة ١ / ٢٦٧.