وصرّح في غيرها من كتبه بوفاقهم ، وردّ تمسّكهم بالبيت باحتمال أن يكون (١) ذرى المجد منصوبا بوصف محذوف يفسّره الوصف المذكور ، والتقدير بانوا ذرى المجد بانوها.
«بخلاف غيره» أي المشتقّ غير الرافع لظاهر ، وهو الجامد ، «نحو : الكلمة لفظ» ، وهذا أسد ، مشيرا إلى السّبع المفترس ، والمشتقّ الرافع لظاهر ، نحو : هند قائم أبوها ، فلا يتحمّلان ضمير المبتدإ ، ولا يطابقانه ، أمّا الجامد فلأنّ تحمّل الضمير فرع على أن يكون المتحمّل صالحا لرفع ظاهر على الفاعلية ، وذلك مقصور على الفعل ، أو ما في معناه ، ولا حظّ للجامد (٢) في ذلك ، وأمّا المشتقّ الرافع لظاهر فلأنّه لا يرفع فاعلين ، وأمّا عدم مطابقتهما للمبتدإ فلعدم تحمّلهما للضمير.
تنبيهان : الأوّل : قضية إطلاقه وتمثيله بالكلمة لفظ أنّ الجامد لا يتحمّل الضمير ، ولو أوّل بالمشتقّ ، وهو خلاف ما صرّحوا به من أنّ المؤوّل بالمشتقّ بمترلته في تحمّل الضمير ورفعه الظاهر ، بل في كلام أبي حيّان ما يشير إلى أنّه لا خلاف في ذلك ، وإنّما لم يطابق في نحو : الكلمة لفظ مع تحمّله للضمير ، لأنّ المصدر من حيث هو مصدر لا يثنّي ، ولا يجمع ، ولا يؤنّث ، فأجروه على أصله ، لأنّ المصدر لم يتحمّل الضمير كما اقتضاه كلامه ، وتوهّمه بعض فضلاء العجم ، كيف وهو مؤوّل هنا بالملفوظ من غير خلف.
نعم المصدر لا يتحمّل ضميرا إذا لم يؤوّل بالصفة ، وذلك إذا أخبر به عن عين ، وجعل العين نفس المعنى مجازا على قول سيبويه في نحو : زيد عدل ، وهذا لا يتصوّر في نحو : الكلمة لفظ ، وأمّا على قول الكوفيّين من أنّ المصدر بالصفة دائما ، فزيد عدل مؤوّل بعادل ، فهو متحمّل للضمير إجماعا بدليل رفعه للظاهر ، نحو : زيد عدل أبوه.
وأمّا على قول البصريّين من أنّه على حذف مضاف أي ذو عدل ، فالخبر هو ذو ، وهو المتحمّل للضمير ، لأنّه المؤوّل بالمشتقّ لا المصدر ، وهو يطابق المبتدأ دائما ، فإذا قلت : هند عدل ، والزيدان عدل ، كان التقدير ذات عدل ، وذوا عدل ، وقس على ذلك.
واعلم أنّ نحو هذا التفضيل يجرى في الجامد المؤوّل بالمشتقّ غير المصدر ، وإن لم يأت فيه الخلاف المذكور ، قال ابن مالك في شرح الكافية : إذا أشرت إلى رجل وقلت : هذا أسد ، كان لك فيه ثلاثة أوجه : أحدها : تتريله مترلة الأسد مبالغة دون التفات إلى تشبيه ، كقول الشاعر [من الطويل] :
__________________
(١) سقط يكون في «س».
(٢) ولا الظاهر في الجامد «ح».