ضأنه (١) من معزه (٢) ، أي ميّزه ، ومصدره الزيل ، ولا ماضي يزول ، فإنّه قاصر ، ومعناه الانتقال ، ومنه قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا) [فاطر / ٤١] ، ومصدره الزوال. «وما برح وما انفك وما فتئ» مثلث التاء ، ويقال : أفتا ، ذكرها الصغائيّ (٣) ، وهي تميميّة ، وهذه الأربعة تعمل بشرط تقدّم نفي أو نهي أو دعاء ، مثال النفي كما نطق به قوله تعالى (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ) [هود / ١١٨] ، (لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ) [طه / ٩١] ، ومنه (تَاللهِ تَفْتَؤُا) [يوسف / ٨٥] ، أي لا تفتؤ ، ومثال النّهي قوله [من الخفيف] :
١١٩ ـ صاح شمّر ولا تزل ذاكر المو |
|
... ت فنسيانه ضلال مبين (٤) |
ومثال الدعاء قوله [من الطويل] :
١٢٠ ـ ألا يا اسلمي يا دار ميّ على البلي |
|
ولا زال منهلّا بجرعائك القطر (٥) |
وقيّده في الإرتشاف بلا خاصّة ، قال أبو حيّان في شرح التسهيل : ولا خلاف بين النّحويّين في أنّ معاني هذه الأفعال الأربعة متّفقة. «ومادام» وهي لتوقيت أمر بمدّة ثبوت خبرها لاسمها ، وتعمل بشرط تقدّم ما المصدريّة الظرفيّة ، كما نطق به ، ك : أعط ما دمت مصيبا درهما (٦) أي مدّة دوامك مصيبا ، فلوم تقدّمها ما لم يكن من هذا الباب نحو : دمت مصيبا ، وكذا لو كانت مصدريّة غير ظرفيّة ، نحو : عجبت ممّا دمت محسنا ، لأنّ المعنى من دوام إحسانك لا من مدّة دوام أحسانك.
تنبيه : قال بعضهم : اتّفق النحاة على أنّ كان وأخواتها أفعال إلا ليس ، فإنّ الفارسيّ ومن تبعه ذهب إلى حرفيّتها ، والصحيح فعليتها لاتّصال ضماير الرفع البارزة وتاء التأنيث الساكنة بها ، انتهى. قلت : ودعوى الاتّفاق ممنوعة ، فقد ذهب الزّجاج ومن تبعه إلى أنّها حروف لكونها دالّة على معنى في غيرها ، حيث جاءت لتقرير الخبر للمبتدإ على صفة.
«وعملها» كلّها «رفع الاسم» ، وهو المبتدأ (٧) الّذي تدخل عليه ، أي تجدّد عليه رفعا غير الأوّل لكونها عوامل لفظيّة ، وهو مذهب البصريّين ، وذهب الكوفيّون إلى أنّه باق
__________________
(١) الضأن : ذو الصوف من الغنم.
(٢) المعز : ذو الشعر من الغنم خلاف الضأن
(٣) الحسن بن محمد أبو الفضائل الصغائيّ ، له من التصانيف : مجمع البحرين في اللغة ، التكملة على الصحاح و... توفّي سنة ٦٠٥ ه ، بغية الوعاة ١ / ٥١٩.
(٤) البيت من الشواهد الّتي لا يعرف قائلها.
(٥) البيت لذي الرمة غيلان بن عقبة يقوله في صاحبته مية. اللغة : البلي : من بلي الثوب يبلي أي : خلق ورثّ ، منهلا : منسكبا منصبا ، الجرعاء : رملة مستويه لا تنبت شيئا ، القطر : المطر.
(٦) هذا عجز بيت من ابن مالك في ألفيّته وصدره «ومثل كان دام مسبوقا بما» ، ألفية ابن مالك ص ١٥.
(٧) سقط المبتدأ في «س».