مضي مع الانقطاع عند الأكثر كما قال أبو حيّان ، أو مع السكوت عن الانقطاع وعدمه عند آخرين ، وجزم به ابن مالك ، نحو : كان زيد قائما ، وقد تكون للاستمرار والدّوام ، ومنه الواردة في صفاته تعالى ، وصار لانتقال اسمها إلى خبرها ، وأصبح وأمسي وأضحي لثبوت خبرها لاسمها صباحا ومساء وضحيّ وطلّ وبات لثبوت خبرهما لا سمهما في جميع النهار والليل.
قال ابن الخباز : ورأيت كثيرا يتوهّمون دلالة بات على النوم ، ويبطله قوله تعالى (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً) [الفرقان / ٤٦] وقد تكون كان وأصبح وأمسي وأضحي وظلّ وبات بمعنى صار كقوله تعالى (فَكانَتْ هَباءً) [الواقعة / ٦] ، (فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً) [آل عمران / ١٠٣] ، (ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا) [النحل / ٥٨] ، وقول الشاعر [من البسيط] :
١١٦ ـ أمست خلاء وأمسي أهلها احتملوا |
|
أخنى عليها الّذي أخنى على اللّبد (١) |
وقوله [من الخفيف] :
١١٧ ـ ثمّ أضحوا كأنّهم ورق ج ... |
|
فّ فألوت به الصّبا والدّبور (٢) |
وقوله [من الوافر] :
١١٨ ـ ... |
|
أبيت كأنّني أكوى بجمر (٣) |
وليس لنفي خبرها عن اسمها حالا عند الجمهور ، وقال سيبويه وابن السراج مطلقا ، قال الأندلسيّ وليس بين القولين تناقض ، لأنّ خبر ليس إن لم يقيّد بزمان يحمل على الحال كما يحمل الإيجاب عليه في نحو : زيد قائم ، وإذا قيّد بزمان من الأزمنة فهو على ما قيّد به ، واستحسنه الرضيّ. قال بعض المحقّقين وفيه نظر : لأنّ المراد بكونها للحال أو كونها للمطلق أنّها كذلك بحسب الوضع فإذا كانت عند الإطلاق للحال فهي للحال ألبتّة ، انتهى ، فتأمّل.
وتعمل هذه الأفعال الثمانية العمل الآتي مطلقا ، سواء كانت موجبة أو منفيّة ، صلة لما الظرفيّة ، أو غير صلة ، وألحق بها المصنّف في التهذيب آض وعاد وغدا وراح ، وعدّها من المشهور.
«وما زال» وهو لثبوت خبرها لاسمها على الاستمرار مذ قبله ، ويشترط فيه أن يكون ماضي يزال ، لا ماضي يزيل ، فإنّه فعل متعدّ إلى واحد ، ومعناه ماز ، يقال : زال
__________________
(١) هو للنابغة الذبياني. اللغة : الخلاء : الفراغ ، أخنى عليها. أفسدها ونقصها ، لبد : آخر نسور لقمان بن عاد.
(٢) هو لعدي بن زيد. اللغة : ألوت به. نثرته ، الصبا والدبور : ريحان متقابلتان.
(٣) صدره «أجني كلّما ذكرت كليب» ، وهو نسب إلى عمرو بن قيس المخزوني وإلى الهدي. اللغة : أكوى : أحرق بحديدة محماة ، الجمر جمع الجمرة : القطعة الملتهبة من النار.