١٦٠ ـ أما ترى حيث سهيل طالع |
|
... (١) |
برفع سهيل ، أي حيث سهيل موجود ، وحذف خبر المبتدأ بعد حيث غير قليل ، انتهى. وفي هذا التوجيه بحث ، إذ يلزم عليه جواز الفتح في جميع صور وجوب الكسر. فتأمّل.
ويجوز الفتح والكسر في تسعة مواضع ، يجوز فيها حلول المصدر محلّ أنّ ومعموليها وعدمه :
أحدها : أن تقع أنّ خبرا عن قول ، ومخبرا عنه بقول ، وفاعل القولين واحد ، نحو أوّل قولي انّي أحمد الله ، فالفتح على أنّ القول على حقيقته من المصدريّة أي قولي حمد الله ، والكسر على أنّه بمعنى المقول ، أي مقولي إنّي أحمد الله ، فلو انتفى القول الأوّل وجب الفتح أو الثاني ، أو اختلف القائل وجب الكسر.
الثاني : أن تقع بعد إذا الفجائية كقوله [من الطويل] :
١٦١ ـ وكنت أري زيدا كما قيل سيّدا |
|
إذا انّه عبد القفا واللهازم (٢) |
فالفتح على معنى فإذا العبوديّة أي حاصلة ، كما تقول : خرجت فإذا الأسد ، والكسر على معنى فإذا هو عبد القفا.
الثالث : أن تقع بعد فاء الجزاء ، نحو : (مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [الأنعام / ٥٤] فالفتح على معنى فالغفران والرحمة أي حاصلان ، أو فالحاصل الغفران والرحمة ، والكسر على معنى فهو غفور رحيم.
الرابع : أن تقع في موضع التعليل ، نحو : (إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ) [الطور / ٢٨] ، قرأ نافع (٣) والكسائي بالفتح على تقديم لام العلة ، أي لأنّه ، والباقون بالكسر على أنّه تعليل مستأنف مثل (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) [التوبة / ١٠٣] ، ومثله : لبيك أنّ الحمد والنعمة لك.
الخامس : أن تقع بعد فعل قسم ، ولا لام بعدها كقوله [من الرجز] :
١٦٢ ـ أو تحلفي بربّك العلي |
|
انّي أبو ذيّالك الصّبيّ (٤) |
__________________
(١) في المغني وجامع الشواهد وابن عقيل «طالعا» وبعده «نجما يضيء كالشهاب لامعا» ، والرجز مجهول القائل.
(٢) البيت من الفرزدق ، يهجو بها زيد بن أرقم. اللغة : القفا : خلف الرأس ، اللهازم : جمع اللهزمة : طرف الحلقوم وهما كنايتان عن الخسّة والدناءة والذلّة.
(٣) نافع بن عبد الرحمن (ت ١٦٩ ه) أحد أئمة القراءات العشر ، عاش في المدينة أصله من أصبهان. المنجد في الأعلام ، ص ٥٦٩.
(٤) البيت ينسب إلى رؤبة بن العجاج.