إسعادين ، ولا تستعمل بدونها ، وتستعمل لبيك بدونها ، ومثل ذلك دواليك ، أي تداول الأمر دوالين ، وحنانيك أي تحنّن تحنّنين ، وهذا ذيك أي أسرع إسراعين ، وهجاجيك أي كفّ كفّين ، وعامل هذين وعامل لبيك من معناها ، وعامل البواقي من لفظها ، وإنّما وجب الحذف في ذلك لوجود القرينة ، وهي النصب المشعر بالحذف وقيام التكرير مقام المحذوف.
كذا قيل ، ودفع بأنّ التكرير لا يصلح لذلك لكونه أمرا معنويّا فلا ينوب عن اللفظ المحذوف ، ثمّ يرد نحو قوله تعالى : (ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ) [الملك / ٤] ، لأنّه مصدر مثنّى ، فيه معنى التكرير ، ولم يجب حذف عامله. قال الرضيّ : ليس وقوع المصدر مثنّى من ضوابط الّتي يعرف بها وجوب حذف فعله سواء كان المراد بالتثنية التكرير ، نحو : (ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ ،) أي رجعا كثيرا مكررا أو كان لغير التكرير ، نحو : ضربته ضربتين ، أي مختلفين ، بل الضابط لوجوب الحذف في هذا وأمثاله إضافته إلى الفاعل أو المفعول كما ذكرنا قبل ، انتهى.
وجميع هذه المصادر لا يتصرّف إذ لا يستعمل لها أفعال ، وأمّا لبّى يلبّى فهو مشتقّ من لبيك ، نحو : سبحان من سبحان الله ، وبسمل من بسم الله. وممّا يجب العامل فيه قياسا ما كان توبيخا ، سواء كان مع استفهام أولا ، كقوله [من الكامل] :
٢٣٣ ـ ... |
|
أرضا وذوبان الخطوب تنوشني (١) |
وأمكرا وأنت في الحديد. وقوله [من الطويل] :
٢٣٤ ـ خمولا وإهمالا وغيرك مولع |
|
بتثبيت أسباب السيادة والمجد (٢) |
قال الدمامينيّ : ولا مانع من أن يقال : همزة التوبيخ هنا محذوفة كما تحذف همزة الاستفهام الحقيقيّ ، انتهى. قلت : نعم لا مانع ولكنّ المراد من عدم الاستفهام عدمه لفظا فقط ، وإنّما وجب الحذف فيه لقيام القرينة ، وهي النصب وسدّ الحال هي سبب التوبيخ مسدّ المحذوف.
__________________
(١) هذا المصراع ذكر في خزانة الأدب ولم يذكر له صدر ولا عجز : اللغة : الذوبان ، جمع ذئب ، جمع كثرة. الخطوب : جمع الخطب ، وهو الأمر الشديد يترل على الانسان ، تنوشني : تنالني وتصيبني. البغدادي. خزانة الأدب ، ٢ / ١٠١.
(٢) لم يسمّ قائله.