ونقل الإتّفاق غير مرضيّ ، فقد صرّح في الإرتشاف أنّ بعضهم حمل عمرا في المثال على العطف ، وجوّز بعضهم فيه الأمرين ، وقال ابن هشام في المغني نحو : أكرمتك وزيدا ، يجوز كونه عطفا على المفعول به وكونه مفعولا معه ، انتهى.
تنبيهات : الأوّل : بقي هنا للاسم المذكور بعد الواو حالات ، لم يذكرها المصنّف ، أحدها : ما يمتنع فيه العطف من جهة المعنى ، نحو : مات زيد وطلوع الشمس ، لأنّ العطف يقتضي التشريك في المعنى ، وطلوع الشمس لا يقوم به الموت.
الثانية : ما يقبح فيه العطف من جهة المعنى كقوله [من الوافر] :
٢٤٠ ـ فكونوا أنتم وبني أبيكم |
|
مكان الكليتين من الطحال (١) |
لأنّ المراد كونوا لبني أبيكم ، فالمخاطبون هم المأمورون بذلك ، وإذا عطفت ، كان التقدير : كونوا لهم وليكونوا لكم ، وذلك خلاف المقصود ، قاله ابن مالك ومقتضى هذا التعليل امتناع العطف لا قبحه.
الثالثه : ما يترجّح فيه العطف مع جواز النصب على مرجوحيّة ، نحو : جاء زيد وعمرو ، لأنّ العطف هو الأصل ، قد أمكن بلا ضعف ، كذا قيل ، والأولى أن يقال : إن قصد التنصيص على المصاحبة وجب النصب ، لأنّ العطف وإن كان أصلا فيجوز فيه العدول عنه لداع ، وهو التنصيص على المصاحبة ، وإلا فلا.
الرابعة : ما يمتنع فيه العطف والمفعول معه كقوله [من الرجز] :
٢٤١ ـ علفتها تبنا وماء باردا |
|
... (٢) |
وقوله [من الوافر] :
٢٤٢ ـ ... |
|
وزجّجن الحواجب والعيونا (٣) |
أمّا امتناع العطف فلانتقاء المشاركة ، لأنّ الماء لا يشارك التبن في العطف ، والعيون لا تشارك الجواجب في التزجيج ، لأنّ تزجيج الحواجب تدفيقها وتطويلها ، وأمّا امتناع المفعول معه فلانتفاء المعيّة في البيت الأول وانتقاء فائدة الأعلام بها في الثاني ، إذ الماء لا يصاحب التبن في العلف ، ومن المعلوم أنّ العيون مصاحبة للحواجب ، فلا فائدة في الأعلام بذلك ، ويجب في ذلك إضمار فعل للاسم على أنّه مفعول به ، أي وسقيتها ماء ، وكحّلن العيون.
__________________
(١) هو لشعبة بن قمير أو للأقرع بن معاذ. اللغة : الكليتين : تثنية كليّة ، الطحال : عضو يقع بين المعدة والحجاب الحاجز في يسار البطن.
(٢) تمامه : حتى شتت همّالة عيناه ، ولم يسمّ قائله. اللغة : شتت : تفرّقت ، وهمالة تمييز وهو من هملت العين إذا صبّت دمعها.
(٣) تقدم برقم ٢٣٩.