كما هو المتبادر ، وحينئذ يخرج مثل تكلّم زيد صادقا ، ومات مسلما ، وعاش كافرا ، وإن أرادوا الصفة ، فالتعبير بها أوضح ، لكن يخرج عنه مثل : جاء زيد والشمس طالعة ، وجاء زيد وعمرو جالس ، انتهى.
وقد ظهر من النقل المتقدّم أنّ المراد هذا المعنى ، وأنّه لا خروج لما ذكره ، والمراد بالصفة حقيقة أو حكما ، فيشمل الحال الّتي هي جملة ، لتأوّلها بالصفة ، وكذا الجامدة المؤوّلة بها ، وأمّا غير المؤوّلة ففي ثبوتها خلاف ، ولعلّه لم يلتفت إليها لشذوذها ، وبتصدير الحدّ بها لم يدخل نحو : القهقري في : رجع القهقرى.
وقوله «المبيّنة للهيئة» مخرج للتمييز في نحو : لله درّه فارسا ، فإنّه مبيّن للذات ، وقوله «غير نعت» مخرج للنعت في نحو : رأيت رجلا ضاحكا ، فإنّ ضاحكا صفة مبيّنة للهيئة ، لكنّه نعت ، ويتّجه على هذا الحدّ النقض بالخبر في نحو : زيد ضاحك ، فإنّ ضاحك صفة مبيّنة للهيئة غير نعت وليس حالا.
تنبيهان : الأوّل : الهيئة المذكورة قد تكون للفاعل لفظا ، نحو : جئت راكبا ، ومعنى كما في قوله [من البسيط] :
٢٥٤ ـ كأنّه خارجا من جنب صفحته |
|
... (١) |
أي يشبهه لا أشبهه ، لأنّ المشابهة مقيّدة بحال الخروج وللمفعول لفظا ، نحو : ركبت الفرس مسرّجا ، ومعنى ، كقوله تعالى : (هذا بَعْلِي شَيْخاً) [هود / ٧٣] ، فإنّ بعلى خبر المبتدأ ، وهو في المعنى مفعول به لمدلول هذا ، أي أنبّه ، أو أشير ، ولهما معا ، نحو : لقيته راكبين ، وقد قيّد في الكافية المفعول بقوله به ، ولم يقيّده بعضهم ، قيل : ليدخل فيه ضربت زيدا الضرب شديدا ، فإنّ شديدا (٢) حال من الضرب ، وهو مفعول مطلق لا مفعول به.
قال الدمامينيّ في المنهل : وقد يقال : إنّما جاءت الحال نظرا إلى كونه مفعولا به في المعنى ، إذ ضربت زيدا الضرب ، بمعنى أوقعت بزيد الضرب ، قال : هذا ، وأنا لا أري وجها لتخصيص المفعول به من بين سائر المفاعيل لجواز وقوع الحال منه ، إذ لا يمتنع أن يقال : يستوي الماء والخشبة طويلة ، ولا سرت والنيل آخذا في زيادة الفيض ، ولا جئت يوم الجمعة حارّا شديدا الحرّ ، والوقوف عند ما في الكافيّة جمود لا طائل تحته ، انتهى.
__________________
(١) تمامه «سفود شرب نسوه عند مفتأد» ، وهو للنابغة الذبياني. اللغة : السفود : هي الحديدة الّتي يشوى بها الكباب ، الشّرب : جمع شارب ، المفتأد : موضع النار الّذي يشوى فيه.
(٢) فإنّ شديدا سقط في «ح».