وفي شرح الباب للزورني (١) ما نصّه ، وفي بعض الحواشي معنى الموطئة أن تأتي الحال المشتقّة بعد اسم جامد ينتصب ذلك الاسم انتصابها ، وتجري هي عليه صفته ، وهي المقصود ، قال : فقوله : أن تاتي الحال المشتقّة بعد اسم جامد يقتضي أن يقال الموطّأة ، على لفظ اسم المفعول ، انتهى.
قال بعض المحقّقين : والقول بالحال الموطّئة إنّما يحسن إذا اشترط الاشتقاق ، وأما إذا لم يشترط ، فينبغي أن يقال في نحو : جاءني زيد رجلا بهيّا إنّما حالان مترادفان ، انتهى.
أو دالّة على سعر ، نحو : بعت الشاة شاة بدرهم ، واشتريت البرّ قفيزين (٢) بدرهم ، أي مقسّطا هذا التقسيط. أو عددا : نحو : (فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) [الأعراف / ١٤٢] ، و (فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ) [النساء / ٨٨]. أو طورا بفتح الطاء المهملة وسكون الواو ، أي حال واقع فيه تفضيل بالضاد المعجمة ، نحو : هذا بسرا (٣) أطيب منه رطبا.
أو يكون نوعا لصاحبها ، نحو : هذا مالك ذهبا ، وهذا تمرك شهريزا ، بشين مضمومة أو مكسورة مع الإعجام ، ضرب من التمر ، إن شيءت أضفت أو اتبعت مثل ثوب خزّ أو ثوب خز. أو فرعا له ، نحو : هذا حديدك خاتما ، و (تَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً) [الأعراف / ٧٤] ، وما وقع في غالب نسخ الأوضح لإبن هشام من التمثيل يتنحّتون من الجبال بيوتا فسهو ، فإنّ بيوتا على هذا مفعول به ، لا حال ، نبّه عليه مالكيّ في حاشيته.
أو أصلا له ، نحو : هذا خاتمك حديدا ، وهذا جبّتك خزا ، و (أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً) [الإسراء / ٦١].
قال ابن هشام في الأوضح : وإنّما قلنا بالتأويل في الثلاث الأوّل ، لأنّ اللفظ فيها مراد به غير معناه الحقيقيّ ، فالتأويل فيها واجب. قال : وزعم بدر الدين بن مالك أنّ الجميع يؤوّل بالمشتقّ ، وهذا تكلّف. وقال الرضيّ : تبعا لابن الحاجب : والحقّ أنّه لا حاجة إلى هذا التكلّف ، لأنّ الحال هو المبيّن للهيئة ، فكلّ ما قام بهذه الفائدة فقد حصل فيه المطلوب من الحال ، فلا يتكلّف تأويله بالمشتق ، انتهى.
__________________
(١) محمد بن عثمان الزوزني من الشراح الّذين شرحوا كتاب «اللباب في النحو» للعلّامة الفاضل الإسفرايني المتوفى سنة ٦٨٤ ه ق. المصدر السابق ، ٢ / ١٥٤٤.
(٢) القفيز : مكيال كان يكال به قديما ويختلف مقداره في البلاء ، ويعادل بالتقدير المصري الحديث نحو : ستة عشر كيلو جراما. المعجم الوسيط ص ٧٥٠.
(٣) البسر : تمر النخل قبل أن يرطب.