وليت زيدا صائما عندكم ، لعلّ عمرا قائما في الدار و (هذا بَعْلِي شَيْخاً) [هود / ٧٢] ، و [قول الشاعر من مجزوء الكامل] :
٢٦٣ ـ ... |
|
يا جارتا ما أنت جارة (١) |
فلا يجوز تقديم الحال في شيء من ذلك لضعف العامل.
الثامنة : أن يكون صفة تشبه الفعل الجامد ، وهو اسم التفضيل ، نحو : هذا أفصح الناس خطيبا ، لجعله موافقا للجوامد لانحطاطه عن درجة اسمي الفاعل والمفعول ، والصفة المشبة بعدم قبوله علامة التأنيث والتثنية والجمع ويستثني من المضمّن معنى الفعل دون حروفه أن يكون ظرفا أو مجرورا مسبوقا بمخبر عنه به ، فيجوز توسيط الحال بين المخبر عنه والمخبر به المتأخّر من الظرف والمجرور ، تقول : في نحو زيد في الدار جالسا ، زيد جالسا في الدار.
هذا قول الأخفش ، وعليه قراءة بعضهم : (وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا) [الأنعام / ١٣٩] ، وقراءة الحسن البصري (٢)(وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) [الزمر / ٦٧] ، وقول الشاعر [من الطويل] :
٢٦٤ ـ بنا عاذ عوف وهو بادي ذلّة |
|
لديكم فلم يعدم ولاء ولا نصرا (٣) |
وجمهور البصريّين على المنع. قال ابن هشام في الأوضح : والحقّ أنّ خالصة ومطويات معمولان لصلة ما ولقبضة (٤) ، وأنّ السموات عطف على ضمير مستتر في قبضة ، لأنّها بمعنى مقبوضة لا مبتدأ ، وبيمينه معمول الحال لا عاملها قال : والبيت ضرورة ، انتهى.
وفصّل ابن مالك في التسهيل ، فأجاز بقوّة إن كان الحال ظرفا ومجرورا ، وبضعف إن كانت غير ذلك ، لأنّ الظروف يتّسع فيها ما لا يتّسع في غيرها ، ويستثني من أفعل التفضيل ما إذا كان عاملا في حالين لاسمين متّحدي المعنى مختلفيه ، وإحداهما مفضّلة على الأخرى ، فإنّه يجب تقديم الحال الفاضلة خوف اللبس ، كهذا بسرا أطيب منه رطبا ، وزيد مفردا أنفع من عمرو معانا ، فبسرا حال من الضمير في أطيب ، ورطبا حال من الضمير المجرور بمن ، ومفردا حال من الضمير في أنفع ، ومعانا حال من عمرو ، فبسرا و
__________________
(١) هذا عجز بيت للأعشى ميمون بن قيس ، وصدره قوله : «بانت لتحزننا عفارة» ، اللغة : بانت : بعدت وفارقت. عفارة. اسم امرأة.
(٢) الحسن البصرس (أبو سعيد) (ت ١١ ه. ٧٢٨ م) : تابعيّ ومتكلّم ومحدث من مشاهير الثقات وكبار الزّهاد. كان إمام أهل البصرة وحبر الأمّة في زمانه. له مكانة عظيمة في التصوف. المنجد الاعلام. ص ٢٢٠.
(٣) لم يسم قائله. اللغة : عاذ به : التجأ إليه.
(٤) كلّ الأية الشريفة (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ)[الزمر / ٦٧].