الأصل في الحال تأخّرها عن عاملها أيضا ، ويجوز تقديمها عليه ، ان كان فعلا متصرّفا ، كقوله تعالى : (خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ) [القمر / ٧] ، أو صفة تشبهه ، سواء كانت اسم فاعل ، نحو : زيد مسرعا مقبل ، أو اسم مفعول ، نحو : اللصّ مجردا مضروب ، أو صفة مشبهة ، نحو : زيد غنيّا وفقيرا سمح.
«ويجب تقدّمها على العامل إن كان لها الصدر» أي صدر الكلام ، «نحو : كيف جاء زيد» ، فكيف في موضع الحال من زيد ، وهل هي ظرف أو اسم؟ قولان ، وعلى القولين يستفهم بها عن الأحوال ، فعلى القول بالظرفيّة يكون معناه في المثال في أيّ حال زيد ، وعلى القول بالاسميّة على أيّ حال جاء زيد ، وعلى الأوّل لا يفتقر إلى الاستقرار بخلاف أين ومتى ، ويجب تأخّرها ، أعني الحال عن العامل في مسائل :
إحداها : أن يكون العامل نعتا ، نحو : مررت برجل ذاهبة فرسه مكسورا سرجها ، قاله ابن مالك ، ووجّهه بأنّ التقديم يؤدّي إلى الفصل بين المنعوت ونعته ، وليس بشيء ، لأنّ الممتنع هو التقدّم على المنعوت ، لأنّ النعت لا يتقدّمه ، فلا يتقدّمه معموله ، ونصوص النحاة طافحة بذلك فما قاله متعقّب.
الثانية : أن يكون فعلا جامدا نحو : ما أحسنه مقبلا ، لأنّ الجامد لا يتصرّف في نفسه ، فلا يتصرّف في معموله بالتقديم عليه.
الثالثة : أن يكون اسم فعل ، نحو : نزال مسرعا ، لأنّ معمول اسم الفعل لا يتقدّم عليه.
الرابعة : أن يكون مصدرا مقدّرا بحرف مصدريّ (١) ، نحو : أعجبني ركوب الفرس مسرّجا ، لأنّ معمول المصدر المقدّر من أن والفعل لا يتقدّم عليه.
الخامسة : أن يكون صلة لأل أو لحرف مصدريّ ، نحو : المقبل ضاحكا زيد ، ويعجبني أن يجئ زيد ضاحكا ، لأنّ معمول (٢) صلة أل والحرف المصدري لا يتقدّم عليها.
السادسة : أن يكون مقرونا بلام الابتداء في غير باب أنّ أو لام القسم ، نحو : لأصير محتسبا ، أو لأقومنّ طالعا ، لأنّ ما في حيّز لامي الابتداء والقسم لا يتقدّم عليهما ، واحترزت بغير باب أنّ من نحو : إنّ زيدا مخلصا ليعبد ربّه.
السابعة : أن يكون لفظا متضمّنا معنى الفعل دون حروفه كحرف التشبيه والتمنّي والترجّي والتنبيه واسم الإشارة والاستفهام التعظيمي ، نحو [قول الشاعر من الطويل] :
٢٦٢ ـ كأنّ قلوب الطّير رطبا ويابسا |
|
... (٣) |
__________________
(١) بالفعل وأن مصدري «س».
(٢) في «س» سقط معمول.
(٣) تمامه «لدى وكرها العناب والحشف البإلى» ، وهو لامرئ القيس. اللغة : الحشف : من التمر : أردؤه ، البإلى : الفاسد.