الثاني : الدلالة على اثنين أمّا بالنصّ ، نحو : كلاهما أو بالاشتراك ، نحو قوله [من الطويل] :
٢٨٢ ـ كلانا غنيّ عن أخيه حياته |
|
ونحن إذا متنا أشدّ تغانيا (١) |
فإنّ كلمة «نا» مشتركة بين الاثنين والجماعة. وإنّما صحّ قوله [من الرمل] :
٢٨٣ ـ إنّ للخير وللشّر مدي |
|
وكلا ذلك وجه وقبل (٢) |
لأنّ ذا مثناة في المعنى ، مثلها في قوله تعالى : (لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ) [البقرة / ٦٨] أي وكلاما ذكر.
الثالث : أنّ يكون المضاف إليه كلمة واحدة ، وقد يفرق بالعطف بالواو في الشعر كلا زيد وعمرو ، قال [من البسيط] :
٢٨٤ ـ كلا أخي وخليلي واجدي عضدا |
|
في النّائبات وإلمام الملمّات (٣) |
قال بعضهم : ولا ينوّن كلا ، وإن ذكرت من غير إضافة ، لأنّهم يستنكرون تنوين ما غلب عليه التجريد منه لأجل الإضافة.
«وعند» وهو ظرف مكان يستعمل في الحضور والقرب سواء كانا حسّيين ، نحو : (فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ) [النمل / ٤٠] ، (عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) [النجم / ١٥ و ١٤] ، أو معنويّين ، نحو : (قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ) [النمل / ٤٠] ، (وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ) [ص / ٤٧].
قال المراديّ في شرح التسهيل : وإذا كان مظروفها معنى كانت للزمان ، نحو : إنّما الصبر عند الصدمة الأولى ، وربّما فتحت عينها ، أو ضمّت ، ولا يقع إلا ظرفا أو مجرورة بمن ، وبها ينبغي أن يحلّ ما ألغز به الحريرى حيث قال : وما منصوب أبدا على الظرف لا يخفضه سوى حرف. وأمّا قول العامّة : ذهبت إلى عنده فلحن ، وأمّا قول بعض المولّدين [من المجزوء الرّمل] :
٢٨٥ ـ كلّ عند لك عندي |
|
لا يساوي نصف عند (٤) |
فقال الحريرى لحن ، قال ابن هشام : وليس كذلك بل كلّ كلمة ذكرت وأريد بها لفظها فسائغ أن تتصرّف تصرّف الأسماء ، وأن تعرب ويحكى أصلها ، انتهى.
__________________
(١) هو للأبيرد الرياحيّ أو لعبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. اللغة : التغاني : الغتناء ، يقال استغني بعضهم عن بعض.
(٢) البيت لعبد الله بن الزبعري : اللغة : مدي : غاية ومنتهي ، وجه : وجهه ، قبل : له عدة معان ، ومنها المحجّة الواضحة.
(٣) اللغة : عضدا : معينا ، النائبات : جمع النائبة ، وهي ما ينتاب الإنسان ويعرض له من نوازل الدهر ، إلمام : نزول ، الملمات : جمع ملمة ، وهي ما يترل بالمرء من المحن والمصائب.
(٤) هو لبعض المولدين في مغني اللبيب ص ٢٠٧.