ولا يقاس عليه خلافا للكسائيّ ، ولا يشترط في إضافتها إلى الجمل ظرفيتها ، وزعم المهدويّ (١) شارح الدريدية (٢) أنّ حيث في قوله [من الرجز] :
٢٨٠ ـ ثمّت راح في الملبيّن إلى |
|
حيث تحجّي المازمان ومني (٣) |
إنّها لمّا خرجت عن الظرفية بدخول إلى عليها خرجت عن الإضافة إلى الجمل ، وصارت الجملة بعدها صفة لها ، وتكلّف لها تقدير رابط ، وقال ابن هشام : وليس بشيء ، وإذا دخلت عليها ما الكافّة تضمّنت معنى الشرط كقوله [من الخفيف] :
٢٨١ ـ حيثما تستقم يقدّر لك الله |
|
نجاحا في غابر الأزمان (٤) |
قال ابن هشام : وهذا البيت عندي دليل على مجيئها للزمان.
«و» النوع الثاني وهو المختصّ بالجمل الفعلية «إذا» عند غير الأخفش والكوفيين ، ويقع شرطها وجوابها ماضيين ، نحو : (وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ) [الإسراء / ٨٣] ، ومضارعين نحو : (إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ) [الإسراء / ١٠٧] ، ومختلفين نحو : (وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ) [المائدة / ٨٣] ، (إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا) [مريم / ٥٨] ، وماضيا وأمرا نحو : (إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَ) [الطلاق / ١] وسيأتي تتمّة الكلام عليها في حديقة المفردات.
«أو إلى مفرد» والمراد به ما يقابل الجملة ، وهو أيضا نوعان : ما يجوز قطعه عن الإضافة فينوّن ، نحو : كلّ ، إذا لم يقع نعتا ولا توكيدا ، أو بعض وأيّ ، كقوله تعالى : (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) [الأنبياء / ٣٣] و (فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) [البقرة / ٢٥٣] ، و (أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) [الإسراء / ١١٠].
وما يلزم الإضافة لفظا ، وهو ما يضاف للمفرد حال كونه «ظاهرا» تارة و «مضمرا» [تارة] أخري ، «وهو كلا وكلتا» نحو : كلا الرجلين وكلاهما وكلتا المرأتين وكلتاهما ، ولا يضافان إلا لما استشكل ثلاثة شروط :
أحدها : التعريف ، فلا يجوز كلا رجلين ولا كلتا امراتين خلافا للكوفيّين ، وذلك أنّ وضعهما للتأكيد ، ولا يؤكّد التاكيد المعنويّ إلا المعارف.
__________________
(١) لعله أبو عبد الله محمد بن جعفر القيرواني (ـ ٤١٢ ه ق) له شرح المقصورة ، والجامع في اللغة. مغني اللبيب ص ٥٤٨.
(٢) الدريدية هي مقصورة ابن دريد اللغويّ البصريّ المتوفى سنة ٣٢١ ه. كشف الظنون ، ٢ / ١٨٠٧.
(٣) البيت لمحمد بن الحسن بن دريد صاحب الجمهرة والاشتقاق. اللغة : الملبيّن : جمع ملب ، وهو من يقول لبيّك اللهمّ لبيّك ، تحجّي : أقام ، المأزمان : موضع بين المشعر وعرفات.
(٤) لم يذكر قائله. اللغة : الغابر : الباقي.