أولوا عاقل ولا رجل ذو عاقل ، وذلك لأنّ ذا وأولو فرع عنها في الحقيقة ، إنّما وضعت وصلة إلى جعل أسماء الأجناس صفة ، وذلك لأنّهم لمّا أرادوا أن يصفوا شخصا بالذهب مثلا فلم يتأتّ لهم أن يقولوا : جاءني رجل ذهب ، فجاؤوا بذو وأضافوه إليه ، فقالوا ذو ذهب ، وأمّا إذا جاز كون تإليها صفة فلم يكن للمجيئ بها.
فائدة : قيل : وهذه هي الحكمة الّتي اقتضت اشتراط الظاهر ، لأنّ الضمير بوضعه لا يدلّ على حقيقة معينة ليقصد الوصف بها ، وإن كان المراد معيّنا باعتبار مرجعه ، لكنّه ليس معيّنا باعتبار لفظه ، وأمّا قول الشاعر [من الرمل] :
٢٨٧ ـ وإنّما يعرف ذا الفض |
|
... ل من الناس ذووه. (١) |
فشاذّ ، وقيل : لحن.
قال الزّجاجيّ في شرح أدب الكاتب (٢) : أنشدنا أبو بكر بن دريد ، قال : أنشدنا عبد الرحمن ابن أخي الأصمعي قال : أنشدنا أعرابيّ من بني غنم ثمّ من بني حنظلة لنفسه [من الرمل] :
٢٨٨ ـ من تصدّي لأخيه بالغني فهو أخوه |
|
تلقه المثري فإن أملق أقصاه بنوه |
لو رأى الناس بنينا سائلا ما وصلوه |
|
وهم لو طمعوا في زاد كلب أكلوه |
لا تراني آخر الدهر بتسال أفوه |
|
أنّ من يسأل سوى الرحمن يكرم حارموه |
والّذي قام بإرزاق الورى طرّا سلوه |
|
وعن الناس بحمد الله فاغنوا واحمدوه |
تلبسوا أثواب عزّ فاسمعوا قولي وعوه |
|
أنت ما استغنيت عن صاحبك الدهر أخوه |
فإذا احتجت إليه ساعة مجّك فوه |
|
أهنا المعروف ما لم تبتذل فيه الوجوه |
إنّما يصطنع المعروف في الناس ذووه. |
وشذّ أيضا قطعها عن الإضافة وإدخال أل عليها في قول الأخر [من الوافر] :
٢٨٩ ـ فلا أعني بذلك أسفليكم |
|
ولكنّي أريد به الذّوينا (٣) |
«أو» حال كونه «مضمرا فقط» وهو نوعان : ما يضاف لكلّ مضمر متكلّم أو مخاطب أو غائب ، مفردا كان أو مثنّى أو مجموعا مذكّرا أو مؤنّثا ، «وهو وحده» ، نحو : (إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ) [غافر / ١٢] ، وقوله [من الرجز] :
٢٩٠ ـ وكنت إذ كنت إلهي وحدكا |
|
... (٤) |
__________________
(١) لم يسمّ قائله.
(٢) أدب الكاتب لأبي محمد عبد الله بن مسلم المعروف بابن قتيبة النحوي المتوفى ٢٧٠ ه ق له شروح منها شرح أبي القاسم الزجاجي المتوفى سنة ٣٣٩ ه ق. كشف الظنون. ١ / ٤٨.
(٣) البيت للكميت بن زيد. اللغة : أسفلنون جمع أسفل ، وأسفل الشيء ضد أعلاه.
(٤) تمامه «لم يك شيئا يا الهي قبلكا» ، وهو لعبد الله بن عبد الأعلى علي القرشي.