وقوله [من المنسرح] :
٢٩١ ـ والذّئب أخشاه إن مررت به |
|
وحدي وأخشى الرّياح والمطرا (١) |
وهو ملازم للتذكير والإفراد والنصب ، وللنحويّين فيه أقوال :
أحدها : مذهب سيبويه أنّه اسم موضوع موضع المصدر الموضوع موضع الحال فوحد في موضع اتّحاد ، واتّحاد في موضع موحد ، وهو الحال. قال ابن بابشاذ في شرح الجمل : وكان بعض أصحابنا يزيد على ذلك ، فيقول : وحد ناب مناب إيحاد ، وإيجاد ناب مناب موحد ، وموحد ناب مناب انفراد ، وانفراد ، وانفراد ناب مناب منفرد ، ومنفرد هو في الحقيقة حال ، انتهى. وهو تطويل مسافة من غير ضرورة.
الثاني : أنّه مصدر أوحدته ، وهو محذوف الزوائد ، وذهب إليه ابن جنيّ.
الثالث : أنّه مصدر لم يلفظ له بفعل ، وعلى هذين القولين فهو مصدر في موضع الحال.
الرابع : مذهب يونس أنّه نصب على الظرف ، فقول العرب : زيد وحده ، التقدير زيد موضع التفرّد.
وأجاز ابن هشام فيها وجهين : أحدهما ما قاله يونس ، والثاني أن يكون مصدرا بفعل مقدّر ، هو الخبر كما قالوا : زيد إقبالا ، أي أقبل إقبالا.
وحكى الأصمعيّ : وحد يحد ، وعليه هو مصدر لفعل مستعمل ، وقد يجرّ بعلى. حكى أبو زيد : قبضت كلّ درهم على وحده ، أي حدته. وحكى ابن سيدة : جلسا على وحدهما ، وبإضافة نسيج وجحيش تصغر جحش ، وهو ولد الحمار ، وعيير تصغير عير ، وهو الحمار يقال : نسيج وحده وجحيش وحده وعيير وحده ، ومعنى الأوّل المدح وتالييه الذمّ ، وربّما ثنّي مضافا إلى ضمير مثنّى ، حكى ابن سيدة جلسا على وحديهما.
تنبيه : اختلف القائلون بأنّه نصب على الحال فيما إذا قيل : رأيت زيدا وحده ، فالأكثرون يقدّرون في حال إيحادي له بالرّؤية ، ويعبّرون عن هذا بأنّه حال من الفاعل. والمبرّد يقدّره في حال أنّه مفرد بالرّؤية ، ويعبّر عن هذا بأنّه حال من المفعول ، ومنع أبو بكر بن طلحة كونه حالا من الفاعل ، وقال : إنّه حال من المفعول ليس إلا ، لأنّهم إذا أرادوا الفاعل قالوا مررت به وحدي كما قال الشاعر [من المنسرح] :
٢٩٢ ـ والذئب أخشاه إن مررت به |
|
... (٢) |
__________________
(١) هو للربيع بن ضبع الفزاريّ. اللغة : أخشى : أخاف.
(٢) تقدّم برقم ٢٩١.