وهذا الّذي قاله ابن طلحة في البيت صحيح ، ولا يمتنع من أجله أن يأتي الوجهان المتقدّمان في رأيت زيدا وحده ، فأنّ المعنى يصحّ معهما.
وما يضاف لضمير المخاطب فقط وهو «لبيّك وأخواته» وهي سعدى ك وحنانيك ودواليك بفتح الدّال المهملة وهجاجيك (١) وهذا ذيك بذالين ، قال [من الرجز] :
٢٩٣ ـ ... |
|
ضربا هذا ذيك وطعنا وخضا (٢) |
وقد مرّ معنى ذلك كلّه ، وقول الأعلم : إنّ الكاف فيها لمجرّد الخطاب مثلها في ذلك مردود ، لقولهم حنانيه ولبّي زيد ، ولحذفهم النون لأجلها ولم يحذفوها في ذانك ، وبأنّها لا تلحق الأسماء الّتي تشتبه الحرف ، وشذّت إضافة لبّي لضمير الغائب في نحو قوله [من الرجز] :
٢٩٤ ـ ... |
|
لقلت لبّيه لمن يدعوني (٣) |
وإلى الظاهر في قوله [من المتقارب] :
٢٩٥ ـ دعوت لما نابني مسورا |
|
فلبّي يدي مسور (٤) |
وقال في الإتشارف : ودعوى الشذوذ فيهما باطلة. قال سيبويه : في هذا البيت ردّ على يونس في زعمه أنّ لبّي مفرد ، فأصله لبّي بألف بعد الموحّدة على زنة فعلى بسكون العين ، فقلبت الألف ياء لأجل الضمير ، كما قلبت في على وعليك ، وقول البدر بن مالك إنّ خلاف يونس جار في لبيّك وأخواته وهم ، وإنّما هو خاصّ بلبيّك.
«تكميل» لأحكام الإضافة «يجب تجريد المضاف من التنوين» ، نحو : جاءني غلام زيد ، وبعضهم يقول : إذا لم يكن في الاسم تنوين يقدّر وجوده ، ثمّ حذفه نحو : كم رجل ، وهنّ حواجّ بيت الله. قال البدر الدمامينيّ ، آخذا من كلام أبي حيان : وهذا عجيب ، فإنّه لا يمكن في مثل هذا تقدير شيء من التنوينات ، أمّا تنوين العوض والمقابلة فواضح ، وأمّا تنوين التنكير فلإختصاصه ببعض المبنيّات فرقا بين معرفتها ونكرتها ، ولا يتحقّق هنا. وأمّا تنوين التمكين فلأنّه علامة على كون الاسم لم يشبه الحرف ، فيبنى ، ولا الفعل فيمنع من الصرف ، فكيف يتصوّر تقدير هذا فيما ينافيه من المبنيّ المشابه
__________________
(١) هجايك : كفّ.
(٢) لم يسم قائله : اللغة : هذا ذيك أي هدّ بعد هذّ ، يعني قطعا بعد قطع : الوخض : الطعن غير الجائف ، قيل : وهو الجائف. الأصمعي : إذا خالطت الطعنة الجوف ولم تنفذ فذلك الوخض والوخط. لسان العرب ، ٤ / ٤٢٤٣.
(٣) قبله
«إنك لو دعوتني ودوني |
|
زوراء ذات مترع بيون» |
ولا يذكر قائلها. اللغة : الزوراء : الأرض البعيده الأطراف ، مترع : ممتد ، بيون : البئر البعيدة القعر ، لبيه : في هذا اللفظ التفات من الخطاب إلى الغيبة ، والأصل أن يقول : لقلت لك لبيك.
(٤) هو لرجل إعرابي من بني أسد. اللغة : نائبي : أصابني ، مسور : اسم رجل.