الحادي عشر : مرادفة الباء ، نحو : (يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍ) [الشوري / ٤٥] قاله يونس. قال ابن هشام : والظاهر أنّها للابتداء ، وتعقّبه الدمامينيّ بأنّه أريد كون الظرف آلة للنظر ، فمن بمعنى الباء ، كما قاله يونس ، وليس الظاهر كونه حينئذ للابتداء ، وإن أريد أنّ الظرف وقع ابتداء النظر فيه ، فمن لابتداء الغاية لا بمعنى الباء (١) ، فهما معنيان متغايران موكولان إلى إرادة المستعمل فتأمّله ، انتهى.
الثاني عشر : موافقة عند ، نحو : (لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً) [آل عمران / ١٠] ، قاله أبو عبيدة ، والصحيح أنّها في ذلك للبدل.
الثالث عشر : مرادفة ربّما ، إذا اتّصلت بما كقوله [من الطويل] :
٣٢٨ ـ وإنّا لممّا نصرب الكبش ضربة |
|
على رأسه تلقي اللسان من الفم (٢) |
قاله السيرافيّ وابن خروف وابن طاهر والأعلم ، وخرّجوا عليه قول سيبويه ، وأعلم أنّهم ممّا يحذفون كذا قال ابن هشام ، والظاهر أنّ من فيهما ابتدائية ، وما مصدريّة ، وأنّهم جعلوا كأنّهم خلقوا من الضرب ، والحذف مثل (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ) [الأنبياء / ٣٧] ، انتهى. قال التقيّ الشّمني : هذا ليس بظاهر في قول سيبويه على ما يخفي.
الرابع عشر : الاستعلاء ، نحو (وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ) [الأنبياء / ٧٧] ، وقيل على التضمين أي منعناه منهم بالنصر.
الخامس عشر : التجريد ، نحو : لي من فلان صديق حميم ، قيل : والظّاهر أنّ من التجريديّة ابتدائيّة أو ظرفيّة.
السادس عشر : النسبة ، نحو : قوله (ع) أنت منّي بمترلة هارون من موسى (٣). قيل : والظاهر أنّ من في الحديث للابتداء ، إذ التقدير قربك منّي بمترلة قرب هارون من موسى ، وحذف المضاف لظهور المعنى.
«وإلى» ولها ثمانية معان :
أحدها : انتهاء الغاية المكانيّة والزمانيّة ، نحو (إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) [الاسراء / ١] و (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) [البقرة / ١٨٧] ، أو غيرهما ، نحو : أعطيته من مائة إلى الألف.
الثاني : المعيّة كمع ، وذلك إذا ضممت شيئا إلى آخر في الحكم به أو عليه أو التعلّق ، نحو : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) [آل عمران / ٥٢] ، (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) [المائدة
__________________
(١) سقطت «فمن لابتداء الغاية لا بمعنى الباء» في «س».
(٢) هو لأبي حية النميرى (ـ ١٨٢ ه ق). اللغة : الكبش : فحل الضأن ، والمراد بالكبش هنا سيد القوم.
(٣) الترمذي ، / ٤٢٢ ، رقم ١١١٤.