الثاني : البدل ، نحو : (لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ) [البقرة / ٤٨] ، وفي الحديث «صومي عن أمّك (١)» أي بدل نفس وبدل أمّك.
الثالث : الاستعلاء ، نحو : (فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ) [محمد / ٣٨] ، أي عليها.
الرابع : التعليل : نحو : (وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ) [هود / ٥٢] ، أي لأجله.
الخامس : مرادفة بعد ، نحو (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) [الانشقاق / ١٩] ، أي حالة بعد حالة.
السادس : مرادفة من ، نحو : (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) [الشوري / ٢٥] ، أي منهم بدليل : (فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ) [المائدة / ٢٧].
السابع : الاستعانة ، قاله ابن مالك ، ومثّله برميت عن القوس ، لأنّهم يقولون أيضا : رميت بالقوس ، حكاهما الفرّاء ، وفيه ردّ على الحريرى في إنكاره أن يقال ذلك ، إلا إذا كانت القوس هي المرمية ، وحكى أيضا رميت على القوس.
«على» والقول بحرفيّتها هو مذهب البصريّين والكوفيّين ، وزعم ابن الطراوة وابن طاهر وابن خروف وأبو الحجاج ابن معروف (٢) والأستاذ أبو على في أحد قوليه : إنّها اسم دائما ، ولا يكون حرفا ، ونسبوه لسيبوبه ، ولها تسعة معان.
أحدها : الاستعلاء حسّا ، نحو : (وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ) [المؤمنون / ٢٢] ، أو معنى ، نحو : (فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) [البقرة / ٢٥٣] ، (وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ) [الشعراء / ١٤] ، ثمّ إنّه قد يكون على مجرورها كما مثّل به ، وهو الغالب ، وقد يكون على ما يقرب منه نحو : (أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً) [طه / ١٠]. قال الزمخشريّ : معنى الاستعلاء على النار أن أهل النار يستعلون المكان القريب منها.
وهاهنا بحث نفيس أثّرت إيراده لما فيه من الفوائد ، وهو منقول من كتاب مطلع السعدى ن (٣) ومجمع البحرين ، وهو تاريخ ألّفه عبد الرزاق ابن اسحق السمرقنديّ ، وكان في حدود سبع وثمانين مائة ، وسبب إيراده له أنّه ذكر أنّ الأمير شريف الدين على الجرجانيّ (٤) ورد إلى سمرقند في سنة تسعين وسبعمائه ، فاكرمه الأمير تيمور (٥) غاية
__________________
(١) صحيح مسلم ، ٢ / ١٧٠ ، رقم ١١٤٨.
(٢) لم أجد ترجمة حياته.
(٣) مطلع السعدين في وقايع عصر السلطان أبي سعيد مع الاشتمال على حوادث الربع المسكون للشيخ كمال الدين عبد الرزاق بن جلالدين اسحق السمرقندي المتوفى سنة ٨٨٧ ه ق كشف الظنون ٢ / ١٧٢.
(٤) مير شمس الدين سيد شريف على بن محمد (٧٠٤ ـ ٨٣٦ ه) عالم وأديب من آثاره : الغرة في المنطق. بها الدين خرمشاهي وآخرون ، دائرة المعارف تشيع ، الطبعة الأولى ، طهران ، نشر الشهيد محبتي ، ١٣٧٥ ه ش ، ٥ / ٣٣٢.
(٥) تيمور لنگ (١٣٣٦ ـ ١٤٠٥ م) : ملك المغول حفيد چنگيز خان ، اتخذ سمرقند عاصمة له وجمع فيها الفنانين والعلماء من كل بلاد فتحها فازدهرت فيها الفنون والعلوم. المنجد في الاعلام ص ١٨٩.