الإكرام ، ثمّ إنّ السّيّد ذكر في بعض مجالس درسه كلام صاحب الكشاف على قوله تعالى : (عَلَى النَّارِ هُدىً) ونقل كلام العلّامة التفتازاني عليه وأبطله ، ولم يكن أحد يتجرّئ على العلّامة بالاعتراض ، فشاع ذلك إلى أن بلغ الأمير تيمور ، فجمع بين العلامة والسّيّد للمناظرة واشترط السّيّد أن لا يتكلّم أحد من تلامذة العلّامة في أثناء البحث ، فلم يتمالك مولانا جلال الدين يوسف (١) ، إلا وبهي ، وتكلّم في أثناء البحث ، وكان أرشد تلامذة العلامة ، حتى أنّه كان قد أذن له في أن يصلح ما يراه من الخلل في تصانيفه.
فغضب الأمير تيمور من تكلّمه ، حيث كان الشرط على خلاف ذلك ، فأمر بإخراجه ، ثمّ إنّ المؤرّخ المذكور ذكر أنّ لأخيه مولانا جلال الدين عبد الغفّار (٢) كلاما في هذا البحث ، ثمّ قال لا بأس بإيراد الكلام الجميع باللغة العربيّة ، فردّ كلام كلّ منهم على هذه الصورة. قال صاحب الكشاف : معنى الاستعلاء في قوله تعالى : (عَلَى النَّارِ هُدىً) [طه / ١٠] ، مثل لتمكّنهم واستقرارهم عليه وتمسّكهم به ، شبّهت حالهم بحال من اعتلي الشيء وركبه.
قال المحقّق التفتازانيّ : يعني هذه الاستعارة تبعيّة تمثيلا ، أمّا التبعية فلجرى انها أوّلا في متعلّق الحرف ، وتبعيّتها في الحرف ، وأمّا التمثيل فلكون كلّ من طرفي التشبيه حالة منتزعة من عدّة الأمور ، واعترض عليه المحقّق الجرجانيّ بأنّ كون على استعارة تبعيّة ، يستلزم كون الاستعلاء شبيها به والتمثيل المستلزم لتركيب الطرفين يستلزم أن لا يكون الاستعلاء شبيها به ، لأنّه معنى مفرد ، فلا يجتمعان ، وأجاب التفتازانيّ بأنّ مبني التمثيل على تشبيه صورة منتزعة من عدّة أمور بصورة أخري كذلك ، وهذا إنّما يوجب اعتبار التعدّد في المأخذ لا فيه نفسه ولا ينافي كونه متعلّق معنى الحرف.
وردّ الجرجانيّ هذا الجواب في كتبه بأنّ تلك الصورة المتترعة من عدّة أمور لا تنتزع بتمامها من كلّ واحد من تلك الأمور ، بل ينتزع من كلّ واحد من تلك الأمور بعض منها ، فيكون كلّ من الطرفين مركّبا بالضرورة ، ومعنى الاستعلاء مفرد ، فلا يكون مشبها به.
وقال أستاذي وأخي : أقول ويمكن الجواب عنه ، لأنّ معنى انتزاعها من تلك الأمور هو أن يكون منتزعة من مجموع تلك الأمور ، وتقارنها وتضامّها كالاستعلاء ، فإنّه هيئة حاصلة من تقارن الراكب والمركوب على كيفيّة المخصوصة ، فيكون واحدا منتزعة من عدّة أمور ، ولهذا صحّ أن يستعار العنقود للثريّا ، مثل أن تقول : لاح في
__________________
(١) لم أجد ترجمة حياته.
(٢) لم أجد ترجمة حياته.