يحدّث بكلّ ما سمع (١).
قال المراديّ في الجني : وزيادة الباء في المفعول غير مقيسة مع كثرتها ، ولكن جزم الرضيّ بأنّها تزاد قياسا في مفعول عرفت وعلمت وجهلت وسمعت وتيقّنت وأحسنت.
الثالث : المبتدأ ، وذلك في قولك : بحسبك درهم ، وخرجت فإذا بزيد ، وكيف بك إذا كان كذا ، ومن الغريب أنّها زيدت في ما أصله المبتدأ وهو اسم ليس ، بشرط أن يتأخّر إلى موضع الخبر ، كقراءة بعضهم (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا) [البقرة / ١٧٧] بنصب البرّ ، وقوله [من المتقارب] :
٣٤٥ ـ اليس عجيبا بأنّ الفتى |
|
يصاب ببعض الّذي في يديه (٢) |
الرابع : الخبر ، قال ابن هشام في تذكرته : زيادة الباء في الخبر على ثلاثة أقسام : كثير وقليل وأقلّ.
والكثير في ثلاثة مواضع ، وذلك بعد ليس وما نحو (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ) [الزمر / ٣٦] ، (وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) [الأنعام / ١٣٢] ، وبعد أو ولم نحو : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ) [الأحقاف / ٣٣] ، وذلك لأنّه في معنى أو ليس الله بقادر ، فهو راجع إلى المسألة الأولى في المعنى.
والقليل في ثلاثة مواضع : بعد كان وأخواتها منفيّة ، كقوله [من الطويل] :
٣٤٦ ـ وإن مدّت الأيدي إلى الزّاد لم أكن |
|
بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل (٣) |
وبعد ظنّ وأخواتها منفية كقوله [من الطويل] :
٣٤٧ ـ دعاني أخي والخيل بيني وبينه |
|
فلمّا دعاني لم يجدني بقعدد (٤) |
وبعد لا العاملة عمل ليس ، كقوله [من الطويل] :
٣٤٨ ـ فكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة |
|
بمغن فتيلا عن سواد بن قارب (٥) |
والأقلّ في ثلاثة مواضع :
بعد أنّ ولكنّ وهل ، فالأوّل ، كقوله [من الطويل] :
٣٤٩ ـ فإن تنأ عنها حقبة لا تلاقها |
|
فإنّك ممّا أحدثت بالمجرّب (٦) |
_________________
(١) نهج الفصاحة حديث ٢١٣٦ ، ص ٤٥٣.
(٢) هو لمحمود بن حسن الوارق.
(٣) البيت للشنفرى. اللغة : الزاد : الطعام ، أجشع : أشد الحرص والطمع والمراد هذا الحرص على الأكل.
(٤) هو لدريد بن الصّمة. اللغة : القعدد : الجبان والقاعد عن الحرب والمكارم.
(٥) هو لسواد بن قارب السدوسي الصحابي. اللغة : الفتيل : هو الخيط الرقيق الّذي يكون في شق النواة.
(٦) هو لامرئ القيس. اللغة : تنأ : تبعد ، الحقبة من الدهر : المدة لا وقت لها أو السنة.