الرابع عشر : التوكيد وهي الزائدة ، وزيادتها في ستّة مواضع على ما في المغني أحدها : الفاعل ، وزيادتها فيه : واجبة ، وغالبة ، وضرورة ، فالواجبة نحو : أحسن بزيد على قول الجمهور. والغالبة في فاعل كفي ، نحو : (كَفى بِاللهِ شَهِيداً) [الرعد / ٤٣] ، والجزم بزيادتها هو الأصحّ كما في الإرتشاف ، وقال الزّجّاج : دخلت الباء لتضمين كفي معنى اكتف ، أي فهي للتعدية ، قال ابن هشام في المغني : وهو من الحسن بمكان ، ويصحّحه قولهم : اتّقي الله امرو فعل خيرا يثبت عليه ، أي ليتّق وليفعل ، بدليل جزم يثب ، ويوجبه قولهم : كفي بهند ، بترك التاء ، فإن احتجّ بالفاصل فهو مجوز لا موجب ، بدليل : (وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ) [الأنعام / ٥٩] ، (وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ) [فصلت / ٤٧] ، فإن عورض بقولك : أحسن بهند ، فالتاء لا تلحق صيغ الأمر ، وإن كان معناها الخبر ، انتهى.
ويشكل عليه إسناد الفعل الماضي إلى ضمير المخاطب ، وهو غير جائز. قالوا : ومن مجئ كفي هذه مجرّدا عن الباء قول الشاعر [من الطويل] :
٣٤١ ـ ويخبرني عن غائب المرء هديه |
|
كفى الهدي عمّا غيّب المرء مخبرا (١) |
ولا تزاد الباء في فاعل كفي الّتي بمعنى أجزأ وأغني ، ولا الّتي بمعنى وقي ، والأولى متعدّية لواحد كقوله [من الوافر] :
٣٤٢ ـ قليل منك يكفيني ولكن |
|
قليلك لا يقال له قليل (٢) |
والثانية متعدية لاثنين ، كقوله تعالى : (وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ) [الأحزاب / ٢٥]. والضرورة ، كقوله [من السريع] :
٣٤٣ ـ مهما لي الليلة مهما ليه |
|
أودي بنعلى وسربالية (٣) |
الثاني ممّا تزاد فيه الباء : المفعول ، نحو : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) [البقرة / ١٩٥] ، (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) [مريم / ٢٥]. قال ابن هشام : وكثرت زيادتها في مفعول عرفت ونحوه ، وقلّت في مفعول ما يتعدّي لاثنين ، كقولك [من الكامل] :
٣٤٤ ـ تبلت فؤادك في المنام خريدة |
|
تسقي الضّجيع ببارد بسّام (٤) |
وقد زيدت في مفعول كفي المتعدّية لواحد ، ومنه الحديث : كفي بالمرء إثما أن
__________________
(١) أنشده ابن الإعرابي في لسان العرب ولم ينسبه إلى قائل معيّن. اللغة : غائب المرء : ما غاب منه ، الهدي : السيرة والطريقة.
(٢) لم يسمّ قائله.
(٣) هو لعمرو بن ملقط الطائي. اللغة : السربال : القميص ، أو الدّرع ، أو كلّ ما لبس.
(٤) هو لحسان بن ثابت. اللغة : تبلت : أسقمت وأفسدت ، الخريدة : البكرو الحسناء من النساء. الضجيج : الّذي ينام معك. البارد : المراد به هنا الريق ، البّسام : كثير التبسم ، والمراد به هنا الثغر.