٣٦٦ ـ أماويّ إنّي ربّ واحد أمّه |
|
ملكت فلا أسر لديّ ولا قتل (١) |
وهذا كما تراه غلط ظاهر ، فإنّ ما في البيت لا ينافي الصدريّة بدليل إنّ زيدا ما قام ، وزيد إنّه لقائم ، وزيد لأبوه قائم ، وقد تابعه بعض شرّاح التسهيل على هذا الغلط ، انتهى ، وهذا البعض هو ابن أمّ قاسم المراديّ.
والتاء وتخصّ باسم الله تعالى نحو : (وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ) [الأنبياء / ٥٧] ، وأمّا حكاية الأخفش «تربّ الكعبة» فشاذّ ، وأشذّ منه حكاية ابن خالويه (٢) «تالرحمن» و «تحياتك» ويلزمها التعجّب. قال الزمخشريّ في (تَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ) الباء أصل حروف القسم ، والواو بدل منها ، والتاء بدل من الواو ، وفيها زيادة معنى التعجّب ، كأنّه تعجّب من تسهيل الكيد على يده وتأتّيه مع عتوّ نمرود وقهره.
قال السّفاقسيّ (٣) في إعرابه بعد نقل هذا الكلام : ما قاله من البدل قاله كثير من النحاة ، ولا يقوم عليه دليل ، وقد ردّه السهيليّ ، ومقتضي النظر أنّه ليس شيء منها أصلا للآخر ، وقوله : فيها معنى التّعجّب نصوصهم على أنّ ذلك لازم في لام القسم ، وأمّا التاء فقد يكون معها التعجّب ، وقد لا يكون انتهى. قلت : وقد نصّ غير واحد من النحاة على أنّ ذلك لازم في التاء أيضا (٤).
«وحتى» : وهي لانتهاء الغاية مكانيّة ، نحو : أكلت السمك حتى رأسها ، أو زمانيّة ، نحو : (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) [القدر / ٥] ، ويجب في مجرورها إذا كان مسبوقا بذي أجزاء أن يكون آخرا أو متّصلا بآخر ، فلا يقال : سهرت البارحة حتى نصفها ، ثمّ إن كان ما بعدها اسما غير داخل فيما قبلها إمّا لكونه غير جزء له : نحو : (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ،) أو لكونه جزء لم يقع الفعل عليه ، نحو : صمت الأيّام حتى يوم العيد ، فالجرّ بها متعيّن ، وإن كان جزء ممّا قبلها ولم يتعذّر دخوله ، نحو : صمت الأيّام حتى يوم الثلاثاء ، فالجرّ بها جائز ويجوز العطف.
تنبيه : متى دلّت قرينة على دخول الغاية في حكم ما قبلها أو على عدمه عمل بها ، والأقوال أصحّها الحكم بالدخول مع حتى دون إلى حملا على الغالب ، لأنّ الأكثر مع القرينة عدم الدخول في إلى والدخول في حتى.
__________________
(١) البيت لحاتم الطائيّ في بعض المصادر وفي بعض بلا نسبة.
(٢) الحسين بن أحمد بن خالوية ابو عبد الله إمام اللغة والعربية ، له من التصانيف : الجمل في النحو ، الاشتقاق ، شرح الدريدية ، مات بحلب سنة ٣٧٠ ، المصدر السابق ١ / ٥٢٩.
(٣) إبراهيم بن محمد إبراهيم بن أبي القاسم السفاقسيّ النحويّ صاحب إعراب القرآن (٦٩٧ ـ ٧٤٢ ه ق) ، المصدر السابق ١ / ٤٢٥.
(٤) سقطت هذه الجمل في «س».