تتمّة : أثبت الجمهور من البصريّين والكوفيّين الجرّ بالمجاورة لمجرور في النعت كقولهم : هذا حجر ضبّ خرب ، والتوكيد كقوله [من البسيط] :
٣٧٧ ـ يا صاح بلّغ ذوي الزوجات كلّهم |
|
... (١) |
بجرّ كلّهم بالمجاورة ، لأنّه توكيد لذوي المنصوب لا الزوجات ، وإلا لقيل كلهنّ ، وقيل في عطف النسق أيضا نحو : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ) [المائدة / ٦] ، فإنّه معطوف على أيديكم ، لأنّه مفعول.
قال أبو حيّان : وذلك ضعيف جدّا ، ولم يحفظ من كلامهم ، قال : والفرق بينه وبين النعت والتوكيد أنّهما تابعان بلا واسطة ، فهما أشدّ مجاورة من العطف المفعول بحرف العطف ، انتهى.
قال الدمامينيّ في التحفة : أخبرني الشيخ شمس الدين الخثعمي المعروف بابن النشار (٢) أنّه كان بيده من تفسير الثعلبي (٣) أو غيره ، وفيهما أنّ أرجلكم في آية الوضوء مخفوض بالمجاورة ، قال : فجئت إلى الشيخ جمال الدين ابن هشام ، وهو جالس بمصر بجامع عمرو بن العاص ، فأريته الكلام المذكور في الآية طالبا أن يتكلّم عليه ، فنظر في تلك الكرّاسة ، ثمّ ألقاها إلى ، وقال لي بحدّة ، خذ فاسا ، واكشط به هذا الكلام ، وارم به في وجه صاحبه ، فتركته ، ومضيت ، انتهى.
وزاد ابن هشام في شرح الشذور عطف البيان ، قال : لا يمنع في القياس ، لأنّه كالنعت والتوكيد في مجاورة المتبوع ، قال : وينبغي امتناعه في البدل ، لأنّه في التقدير من جملة أخري فهو محجوز تقديرا (٤) ، انتهى. وكذا قال أبو حيّان ، وزاد لا نعلم أحدا أجراه فيه ولا تحفظه من كلامهم ، انتهى.
قال في المغني : وأنكر السيرافيّ وابن جنيّ الجرّ بالمجاورة مطلقا وتأوّلا قوله : خرب بالجرّ صفة لضب ، ثمّ قال السيرافيّ : في الأصل هذا حجر ضب خرب الحجر منه بتنوين خرب ورفع الحجر ، ثمّ حذف الضمير للعلم به ، ثمّ أتي بضمير الحجر مكانه لتقدّم ذكره فاستتر. وقال ابن جنيّ : الأصل خرب حجره ، ثمّ أنيب المضاف إليه عن المضاف ،
__________________
(١) تمامه «أن ليس وصل إذا انحلّت عري الذّنب» ، وهو لأبي الغريب النصري ، اللغة : العري : جمع عروة وهي من الدلو والكوز المقبض.
(٢) لم أجد ترجمة حياته.
(٣) الثعلبي هو أحمد بن محمد الميدانيّ النيسابوريّ الإمام الفاضل النحويّ الأديب اللغويّ ، صنّف : الأمثال ، الأنموذج في النحو ، الكشف والبيان عن تفسير القرآن ، مات سنة ٥١٨ ه ق. المصدر السابق ١ / ٣٥٧.
(٤) ابن هشام الانصاري ، شرح شذور الذهب ، لاط ، قم مؤسسة الطباعة والنشر دار الهجرة ، ١٤١٤ ه ق ، ص ٣٣٢.