كالخلط بين القولين ، وأجاب الشلوبين عن ذلك بأنّ هذا الكلام أنّما هو على توهّم كلام آخر.
فإذا قلت : لا أحد فيها إلا زيد ، صحّ الإبدال ، لأنّه على توهّم ما فيها إلا زيد. وكذا يقال في كلمة الشهادة وهو في معنى ما في الوجود إله إلا الله ، فيصحّ فيه الإبدال ، وهذا الجواب رافع للإشكإلى ن ، كما لا يخفي ، وقيل : المبدل منه هو الضمير المستتر في الخبر المقدّر العائد على اسم لا ، فيكون الاتباع حينئذ على اللفظ لا على المحلّ. قال ناظر الجيش في شرح التسهيل : وهو أولى ، لأنّ فيه إبدالا من الأقرب ، ولأنّه لا داعي إلى الاتّباع على المحلّ مع امكانه على اللفظ ، انتهى.
فإن قيل : إن قدّرت الخبر في كلمة التوحيد «موجود» ، لم يلزم منه إلا نفي وجود ما سوى الله تعالى من الإلهة ، لا نفي امكان وجوده ، وإن قدرت «ممكن» لم يلزم منه إلا إثبات إمكان الوجود لله تعالى ، لا إثبات وجوده ، وعلى التقديرين لا يتمّ التوحيد ، لأنه أنّما يتمّ بنفي إمكان الوجود عمّا سوى الله من الإلهة ، وإثبات الوجود به تعالى ، وعلى الأوّل لم يلزم (١) نفي الامكان عن غيره تعالى ، وعلى الثاني لم يلزم إثبات الوجود به تعالى. قلت : أجاب الزمخشريّ في بعض تاليفه عن هذا بأنّ المرفوع بعد إلا مبتدأ وإلا لغو لفظا ، والأصل في كلمة الشهادة الله إله ، فالمعرفة مبتدأ ، والنكرة خبر على القاعدة.
ثمّ قدّم الخبر ، ثمّ أدخل النفي على الخبر ، والإيجاب على المبتدأ ، وتركّبت لا مع الخبر ، انتهى.
قال ابن هشام : فيقال له ما تقول في نحو : لا طالعا جبلا إلا زيد ، لم انتصب خبر المبتدإ؟ فإن قال : إنّ لا عاملة عمل ليس ، فذلك ممتنع لتقدّم الخبر ولانتقاض النفي ولتعريف أحد الجزئين ، انتهى.
وأجاب بعضهم بأنّ كلمة الشهادة غير تامّة في التوحيد بالنظر إلى المعنى اللغويّ ، لأنّ التقدير لا يخلو عن أحد الأمرين ، وقد عرفت أنّه لا يتمّ (٢) ، وإنّما تعدّ كلمة الشهادة تامّة في أداء معنى التوحيد ، لأنّها قد صارت عليه علما شرعا ، ومنهم من أجاب بتقدير كلّ من موجود وممكن ، قيل : وهو بعيد.
قال بعض المحقّقين : وتحقيق الجواب على التقديرى ن أنّ المراد بالإله في هذه الكلمة هو المعبود بالحقّ ، والمعبود بالحقّ لا يكون إلا واجب الوجود ، ومحالّ أن يبقي واجب الوجود في عالم الامكان ، فإن قلنا : لا إله موجود إلا الله ، لزم نفي إمكان إله غيره ، وإن
__________________
(١) على الأوّل يلزم «ح».
(٢) وقد عرفت أنّه لا يتمّ سقطت في «س».