السيرافيّ : هي حال ، إذ المعنى قام القوم خإلى ن عن زيد ، وجوّز الاستئناف ، وقيل : بل هي مستأنفة ، وصحّحه ابن عصفور.
فإن قلت : دعوى الاستئناف تخلّ بالمقصود ، قلت : لا يعنون بالاستئناف عدم تعلّقها بما قبلها في المعنى ، بل في الإعراب فقط ، وذلك لأنّ هذه الجملة وقعت موقع إلا ، فكما أنّ إلا زيدا لا موضع له من الإعراب مع تعلّقه بما قبله ، فكذلك هذه الجمل ، قاله في التصريح. قال ابن هشام : والقول بالاستئناف مذهب الجمهور في جميع أفعال الاستثناء ، «ويجرّ» تارة «مع حرفيّتها» أي على أنّها حروف الجرّ.
تنبيهات : الأوّل : ليس النصب والجرّ في الثلاثة سواء كما توهّم عبارة المصنّف ، بل النصب في الأولين والجرّ في الأخيرة أغلب ، حتى أنّ سيبويه لم يحفظ غير ذلك ، فأوجب النصب في خلا وعدا ، والجرّ في حاشا ، لكن ثبت بصحيح النقل الجرّ بخلا وعدا والنصب بحاشا ، نقل الأوّل الأخفش ، ومنه قوله [من الطويل] :
٣٨٦ ـ خلا الله لا أرجو سواك وإنّما |
|
أعدّ عيالى شعبة من عيالكا (١) |
وقوله [من الوافر] :
٣٨٧ ـ أبحنا حيّهم قتلا وأسرا |
|
عدا الشّمطاء والطّفل الصّغير (٢) |
الرواية في الموضعين بالجرّ ، فوجب القول بحرفيّتها في هذه الحالة.
ونقل الثاني أبو عمرو والأخفش والجرميّ والمازنيّ والمبرّد والزّجاج وأبو زيد والفرّاء ، بل ذهبوا إلى أنّ الجرّ بها حرفا هو الكثير ، وأنّ النصب لها فعلا قليل لتضمّنها معنى إلا ، وسمع : أللهمّ اغفر لي ولمن يسمع حاشا الشيطان وأبا الإصبع ، وقال الشاعر [من الكامل] :
٣٨٨ ـ حاشا أبا ثوبان إنّ أبا |
|
ثوبان ليس ببكمة فدم |
عمرو بن عبد الله أنّ به |
|
ضنّا عن الملحاة والشّتم (٣) |
وكثير من النّحويّين أخذ صدر البيت الأوّل من هذين البيتين وركّبه مع عجز الثاني ، وأنشدهما بيتا واحدا ، والصواب ما أنشدناه به ، نبّه عليه ابن مالك في بعض مصنّفاته.
__________________
(١) لم يعين قائله.
(٢) لم يسمّ قائله. اللغة : أبحنا حيهم : أراد أهلكنا واستأصلنا ، الحيّ : القبيلة ، الشمطاء : هي العجوز الّتي يخالط سواد شعرها بياض.
(٣) هما للجميع واسمه المنقذ بن الطماح الأسدي. اللغة : البكمة : الخرس ، الفدم : العي عن الكلام في ثقل ، الضن : البخل ، الملحاة. المنازعة.