زيد من يضربه أضربه ، وزيد ألا تضربه ، وزيد هلّا ضربته ، وزيد إنّي ضربته ، وزيد ألا رجل يضربه ، وزيد لعمرو يضربه ، وزيد كم ضربته ، وزيد ما ضربته ، أو إن ضربته.
قال ابن مالك : وإجراء التحضيض والعرض والتمنّي بألا مجرى الاستفهام في منع تأثير ما بعدها في ما قبلها هو مذهب المحقّقين من العارفين بكتاب سيبويه ، وقد عكس قوم الأمر ، فجعلوا توسّط التحضيض وأخويه قرينة يرجّح بها النصب الاسم السابق ، وممّن ذهب إلى هذا أبو موسى الجزوليّ ، وهو ضدّ مذهب سيبويه.
تنبيهات : الأوّل : يجب رفع الاسم في مسائل أخر :
أحدها : أن يكون العامل صلة أو مشبها بها ، فالأوّل نحو : زيد الّذي ضربته ، لأنّ الصلة لا تعمل فيما قبل الموصول والثاني نحو : (وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ) [القمر / ٥٢] ، وزيد يوم تراه يفرح ، فإنّ العامل في الأوّل صفة ، وفي الثاني مضاف إليه ، وكلّ منهما شبية بالصلة في تتميم ما قبله ، فالصفة لا تعمل في موصوفها ولا فيما أضيفت إليه ، والمضاف إليه لا يعمل فيما قبل المضاف ، وما لا يعمل لا يفسّر عاملا.
الثانية : أن يكون العامل مسندا إلى الاسم المتقدّم المتّصل ، نحو : زيد ظنّه ناجيا بمعنى ظنّ نفسه ، فلا يجوز نصب الاسم بمقدر يفسّره العامل المشتغل لعدم صحّة عمله فيه ، إذ لا يوقع فعل فاعل مضمر متّصل على مفسّره الظاهر ، لأنّه يلزم منه تفسير المفعول الفاعل ، وهو ممتنع في جميع الأبواب ، أمّا لو رفع فالتركيب صحيح ، إذ ليس فيه إلا ايقاع فعل المضمر المتّصل ، وذلك جائز في باب ظنّ.
الثالثة : أن يكون العامل تإلى استثناء ، نحو : ما زيد إلا يضربه عمرو. قال الرضيّ : وذلك أنّ ما بعد إلا من حيث الحقيقة من جملة مستأنفة ، لكن صيّرت الجملتان في صورة جملة قصدا للاختصار ، فاقتصر على عمل ما قبل إلا فيما يليها فقط ، ولم يجوز عمله في ما بعد ذلك على الأصحّ ، فكيف يصحّ أن يعمل ما بعدها فيما قبلها ، ومثّل هذا العمل فيما هو جملة واحدة خلاف الأصل ، لأنّ الأصل في العامل أن يتقدّم على معموله ، انتهى.
الرابعة : أن يكون العامل جامدا ، نحو : زيدا ما أحسنه ، لأنّ الجامد لا يعمل فيما قبله.
[التنبيه] الثاني : قال ابن هشام وغيره : ليس من مسائل الباب ما يجب رفعه لعدم صدق حدّ المشتغل عنه العامل عليه ، لأنّه يعتبر فيه كما تقدّم أن يكون الاسم المتقدّم بحيث لو فرغ العامل من الضمير وسلّط عليه لنصبه ، وما يجب رفعه ليس بهذه الحيثيّة ، وإنّما ذكره من ذكره لتمام القسمة ، لا يقال فيشكل حينئذ عدّ المصنّف المشتغل عنه