ووجّهه في المغني بأنّ التزام الاسميّة مع إذا هذه أنّما للفرق بينهما وبين إذا الشرطية المختصّة بالفعلية ، فإذا اقترنت بقد حصل الفرق بذلك ، إذ لا تقترن الشرطيّة بها ، وبنقل الأخفش المذكور ، خطّأ أبو حيّان ابن مالك في تخطئة سيبويه في تجويزه الاشتغال في نحو : خرجت فإذا زيد ضربه عمرو ، قال : بل يحمل كلامه على هذه الصورة الخاصّة ، وهي ما إذا اقترن الفعل بعدها بقد.
قال بعضهم : وعلى ذلك يحمل كلام ابن الحاجب أيضا في تجويزه الاشتغال بعدها ، وعلى هذا فيكون المراد في قوله في باب الظروف ، فيلزم المبتدأ بعدها اللزوم فيما إذا لم يكن بعدها قد ، وبذلك يندفع تعجّب ابن هشام وتغليط بعض شرّاح الكافية من جهلة العجم له ، كما يندفع على تقدير حمل اللزوم ثمّة على الغلبة ، كما وقع لبعض الشّرّاح ، أو على تقدير حمله على غير صورة الاشتغال ، كما وقع لبعض آخر ، ولقد تمثّلت على لسان ابن الحاجب عند وقوفي على تغليط هذا العجمي له بقول الشاعر [من الوافر] :
٤٠٥ ـ فلو أنّي بليت بهاشميّ |
|
خوولته بنو عبد المدان |
لهان على ما ألقى ولكن |
|
تعالوا فانظروا بمن ابتلاني (١) |
وإنّما قال المصنّف كإذا لعدم انحصار ما لا يتلوه إلا اسم فيها.
قال ابن هشام في الجامع الصّغير (٢) : ويجب الرفع في نحو : ليتما زيد أضربه ، لامتناع الفعل ، قال شارحه : وذلك بناء على أنّ ليت إذا دخلت عليها ما الحرفيّة لا تزيلها عن الاختصاص بالجمل الاسميّة ، فلو نصبت زيدا بفعل مضمر على الاشتغال لكنت قد أزلتها عن الاختصاص ، ولو نصبته على إعمالها ، وجعلت جملة «أضربه» خبرها جاز ، وأجاز ابن أبي الربيع انتصابه على الاشتغال (٣) ، كما في : إنّما زيدا أضربه بناء على زوال الاختصاص في المعنى ، والصواب انتصابه بليت ، لأنّه لم يسمع ليتما قام زيد ، كما سمع إنّما قام زيد ، انتهى.
«أو فصل بينه» أي الاسم «وبين» العامل «المشتغل» عنه «ما له الصدر» أي صدر الكلام ، لأنّه يمنع أن يعمل ما بعده فيما قبله لمنافاة ذلك الصدارة ، وذلك كالاستفهام والشرط والعرض والتحضيض وإنّ وأخواتها سوى أنّ المفتوحة فلا صدارة ، لكن لا يعمل ما بعدها فيما قبلها ، لكونه حرفا مصدريّا وكألا للتمنّي ولام الابتداء وكم وما وإن النافيتين ، نحو : زيد هل رأيته ، وزيد كم تضربه ، وزيد إن ضربته ضربك ، و
__________________
(١) لم يسمّ قائلها ، وجاء البيتان في مجمع الامثال في ضمن «لو ذات سوار لطمتني» اللغة : الخؤولة : جمع الخال.
(٢) الجامع الصغير في النحو لجمال الدين عبد الله بن يوسف بن هشام النحوي المتوفى سنة ٧٦٣ ه. كشف الظنون ١ / ٥٦٤.
(٣) سقطت جملة أجاز ابن أبي الربيع انتصابه على الاشتغال في «س».