٤٢٩ ـ كأنّ قلوب الطير رطبا ويابسا |
|
... (١) |
فيعمل في المجرور ، لأنّ العامل في الحال أقوي من العامل في المجرور ، لأنّه عامل في صاحبها. وقال الأكثرون : متعلّقة بفعل النداء المحذوف ، واختاره ابن الضائع وابن عصفور ، ونسباه إلى سيبويه ، واعترض بأنّه متعدّ بنفسه ، وأجاب ابن أبي الربيع بأنّه ضمّن معنى الالتجاء في نحو : يا لزيد ، والتعجّب في نحو : يا للدواهي.
وأجاب ابن عصفور بأنّه ضعيف بالتزام الحذف ، فقوّي تعديته باللام ، واقتصر الرضيّ وأبو حيّان على إيراد هذا الجواب. قال ابن هشام : وفيه نظر ، لأنّ اللام المقوّية زائدة ، وهولاء لا يقولون بالزيادة ، انتهى.
ويردّ هذا الاعتراض بما ذكره هو في موضع آخر من مغنيه ، بأنّ التحقيق في لام التقوية أنّها ليست زائدة محضة لما تخيّل في العامل من الضعف الّذي نزّل مترلة القاصر ولا معدّية لاطّراد صحّة إسقاطها ، فلها مترلة بين مترلتين ، انتهى.
ونقل ابن مالك عن الكوفيّين غير الفرّاء أنّ هذه اللام بقية اسم ، وهو أل ، والأصل في يا لزيد يا الزيد ، ثمّ حذفت همزة أل للتخفيف وإحدى الألفين لالتقاء الساكنين ، وضعف بأنّه يقال فيما لا أل له : يا للدواهي ويالله ، وإنّما خفض بها ، ليكون أعون على مدّ الصوت المعيّن على المقصود من الاستعانة ، ولو قال يجرّ لكان أولى ، لأنّ الخفض من ألقاب البناء.
«ويفتح» أي يبني على الفتح وجوبا «لألفها» أي الاستغاثة إذا ألحقت به ، «ولا لام فيه» حينئذ تحرّزا عن الجمع بين حرفي الاستعانة وعن الجمع (٢) بين العوض والمعوّض عنه ، لأنّ اللام عوض عن الألف ، كما نقل عن الخليل ، ولأنّ اللام تقتضي الجرّ ، والألف تقتضي الفتح ، فبين أثريهما تناف ، كذا قيل.
قال بعضهم : وفيه أنّه لا تنافي بينهما في نحو يا لاحمداه ، لأنّ جرّ غير المنصرف بالفتحة ، إلا أن يعتبر طردا للباب ، لا يقال : التنافي موجود ، لأنّ مقتضي أحدهما فتحة بنائيّة ، والأخرى إعرابيّة ، لأنّا نقول : لا تقتضي الألف إلا فتح ما قبلها ، إعرابيّة كانت الفتحة أو بنائية ، ألا ترى أنّه لا يقال في الوقف على زيدا : زيدا بالألف وفتحة ما قبلها نصب ، وما قيل من أنّ التنافي موجود ، لأنّ هذا الفتح في حكم الكسر ، فليس بشيء.
__________________
(١) هو لامرئ القيس. تمامه : لدي وكرها العنّاب والحشف البإلى. اللغة : الرطب : ضدّ اليابس ، الحشف : أردء أقسام التمر ، البإلى : الفاسد والمندرس.
(٢) سقط بين حرفي الاستعانة وعن الجمع في «ح».