وذهب الشلوبين إلى رجحان الانفصال ، وتأوّل كلام سيبويه ، قال المراديّ : وهو بعيد ، فإن كان الأوّل من الضميرين مجرورا يرجّح الفصل اتّفاقا لاختلاف محلّي الضمير ، نحو : عجبت من حبّي إيّاه ، ومن الوصل قوله [من المتقارب] :
٤٦٦ ـ لئن كان حبّك لي كاذبا |
|
لقد كان حبّيك حقّا يقينا (١) |
وإن كان غير أخصّ وجب الفصل كما تقدّم ، أو مرفوعا وجب الوصل ، نحو : ضربته ، إلا إذا كان مرفوعا بكان أو إحدى أخواتها ، نحو : الصديق كنته ، فيترجّح الوصل عند ابن مالك لكونه الأصل ، وورود في أفصح النثر كقوله (ص) لعمر في ابن صياد : إن يكنه فلن تسلّط عليه ، وإن لا يكنه فلا خير لك في قتله (٢).
والفصل عند الجمهور ، لأنّ حقّ الخبر الفصل قبل دخول الناسخ ، فيترجّح بعده كقوله [من الطويل] :
٤٦٧ ـ لئن كان إيّاه لقد حال بعدنا |
|
عن العهد والإنسان قد يتغيّر (٣) |
وهذا الخلاف جار في المنصوب بفعل ناسخ أيضا ، نحو : خلتنيه ، وتوجبه كلّ من الترجيحين ما سبق ، فمن ورود الوصل ، قوله [من البسيط] :
٤٦٨ ـ بلّغت صنع امرئ برّ إخالكه |
|
إذ لم تزل لاكتساب الحمد مبتدرا (٤) |
ومن ورود الفصل ، قول الأخر [من البسيط] :
٤٦٩ ـ أخي حسبتك إيّاه وقد ملئت |
|
أرجاء صدرك بالأضغان والإحن (٥) |
تنبيه : ما ذكرته من جواز الاتّصال في أخوات كان ككان هو ما ذهب إليه ابن مالك ، وصرّح به في شرح الكافية ، وابن هشام صرّح به في الأوضح ، ونصّ عليه شراح الكتاب ، ونقل عن صاحب المستوفي (٦) أنّ خبر غير كان لا يكون متّصلا ، وجزم به أبو حيّان في شرح التسهيل قال وقولهم : ليسني وليسك شاذّ ، وخصّ بعضهم هذ الحكم بليس ولا يكون في الاستثناء ، وحمل قوله [من الرجز] :
٤٧٠ ـ ... |
|
اذ ذهب القوم الكرام ليسي (٧) |
على الضرورة مثل إلاك ديّار.
__________________
(١) البيت بلا نسبة.
(٢) تقدم في ص ٢١٥.
(٣) هو لعمر بن أبي ربيعه.
(٤) لم يسمّ قائله. اللغة : ابتدر : تسارع إليه.
(٥) لم يسمّ قائله. اللغة : أرجاه : جمع رجاء ، ناحية ، الأضغان : جمع الضغن : الحقد الشديد ، الإحن : جمع الإحنة : الحقد والصغن.
(٦) المستوفي في النحو لأبن سعد كمال الدين على بن مسعود الفرغاني. كشف الظنون ٢ / ١٦٧٥.
(٧) تقدّم برقم ٣٩٠.