٤٧٢ ـ علمته الحقّ لا يخفي على أحد |
|
... (١) |
وهو في هذه الأمثلة بارز ، ونحو : قول الشاعر ، وهو العجير بن عبد الله السلوليّ (٢) [من الطويل] :
٤٧٣ ـ إذا متّ كان الناس صنفان شامت |
|
وآخر مثن بالّذي كنت أصنع (٣) |
مثال للمستتر الّذي عمل فيه الناسخ ، ففي كان ضمير الشأن ، وهو اسمها ، والناس مبتدأ ، وصنفان خبر ، وشامت خبر مبتدإ محذوف ، أي أحد الصنفين شامت.
وقيل : يجوز أن يكون بدلا من صنفان ، وقوله : مثن يجوز أن يكون بدلا من صنفان وقوله : مثن أي على ، وأصنع ، أي أصنعه ، لأنّه عائد الموصول ، والمعنى : إذا متّ ، وكان الناس ورائي نوعين : نوع منهم يشمت بي ، ونوع يثنّى علىّ بالّذي كنت أصنعه في حياتي.
تنبيهات : الأوّل : لا يجوز للجملة المفسّرة لهذا الضمير أن تتقدّم هي أو شيء منهما عليه ، خلافا ليوسف بن أبي سعيد السيرافي ، فإنّه أجاز في قوله [من الطويل] :
٤٧٤ ـ أسكران كان ابن المراغة إذ هجا |
|
تميما بجوف الشّام أم متساكر (٤) |
فيمن رفع سكران وابن المراغة على أن يكون في كان ضمير الشأن ، وابن المراغة وسكران مبتدأ وخبر ، والجملة مفسّرة ، والصواب أنّ كان زائدة ، والأشهر في إنشاده نصب سكران ورفع ابن المراغة ، فارتفاع متساكر على أنّه خبر لهو محذوفا ويروى بالعكس ، واسم كان مستتر فيها.
الثاني : لا يجوز حذف هذا الضمير لعدم الدليل عليه إذ الخبر مستقلّ ، ليس فيه ضمير رابط ، ولا يحذف المبتدأ ولا غيره إلا مع القرينة ، وأيضا فإنّ المقصود من الكلام المصدريّة هو التفخيم والتعظيم ، فلا يلائمه الاختصار ، والّذي سوّغ حذفه منصوبا صيرورته بالنصب في صورة الفضلات مع دلالة الكلام عليه نحو قوله [من الخفيف] :
٤٧٥ ـ إنّ من يدخل الكنيسة يوما |
|
يلق فيها جاذرا وظباء (٥) |
__________________
(١) عجزه «فكن محقّا تنل ما شيءت من ظفر» ، وقائله مجهول.
(٢) العجير بن عبد الله من بني سلول من شعراء الدولة الأموية ، كنيته أبو الفرزدق وعجير لقبه ، عدّه ابن سلام في شعراء الطبقة الخامسة من الاسلاميين ، مات سنه ٩٠ ه. الأعلام للزركلي ، ٥ / ٥.
(٣) اللغة : الشامت : اسم فاعل من شمت بعدوه أي : فرح بمكروه أصابه. مثن : اسم فاعل من أثنى على فلان أي : وصفه بخير.
(٤) هو للفرزدق يهجو بها جرير بن عطية بن الخطف التميمي. اللغة : الهمزة للتوبيخ على سبيل الإنكار. سكران : من به سكر. ابن المراغة : كنية جرير الشاعر ، المتساكر : اسم الفاعل من التساكر وهو إظهار السكر وتكلّفه من غير وجوده في الشخص.
(٥) تقدّم برقم ١٥٠.