«ولا يثنّى ولا يجمع» وإن فسّر بجملتين أو جمل ، بل لا يكون إلا مفردا ، لأنّ مرجعه الّذي هو الشأن أو القصة المتعقّلان في الذهن لا يكون إلا مفردا ، وأمّا من قال : لأنّه ضمير يفسّره مضمون جملة ، ومضمون الجملة (١) مفرد ، فيلزمه أن يثنّى ويجمع إذا فسّر بجملتين أو جمل لتعدّد مضمون الجمل حينئذ ، فتدبّر.
«ولا يفسّر بمفرد» لأنّه كناية عن الشأن والقصّة ، وهما بمعنى الجملة ، فلا يفسّر إلا بجملة مصرّح بجزئيتها لا بمفرد ، وأجاز الكوفيّون والأخفش تفسيره بمفرد له مرفوع ، نحو : كان قائما زيد ، وظننته قائما عمرو ، وهذا إن سمع خرج على أنّ المرفوع مبتدأ ، واسم كان وضمير ظننته راجعان إليه ، لأنّه في نيّة التقديم ، ويجوز كون المرفوع بعد كان اسما.
وأجاز الكوفيون أنّه قام وأنّه ضرب على حذف المرفوع والتفسير بالفعل مبنيّا للفاعل أو المفعول ، وفيه فسادان : التفسير بالمفرد وحذف مرفوع الفعل ، قاله ابن هشام.
قلت : هذان الفسادان لا يلزم شيء منهما الكوفيّين ، لأنّ كلّا منهما عندهم جائز ، فتخطئتهم على مذهب غيرهم ليس بصواب ، وهو كما قال أبو عثمان المازنيّ : دخلت بغداد فألقيت على مسائل ، فكنت أجيب فيها على مذهبي ، ويخطؤوني فيها على مذاهبهم ، انتهى. نعم الّذي يدفع قول الكوفيّين أنّه ليس لهم شاهد على ما ذهبوا إليه ، كما قاله الرضيّ.
«ولا يتبع» بشيء من التوابع ، فلا يؤكّد ولا يعطف عليه عطف بيان ، ولا يبدل منه ، لأنّه أشدّ إبهاما من النكرة ، وهي لا تؤكّد ، ولئلّا يزول الإبهام المقصود منه بالبدل وعطف البيان.
قال الدمامينيّ : وانظر ما وجه كونه لا يعطف عليه عطف نسق ، انتهى. ووجّهه الشمنيّ بأنّ الجملة الّتي هي خبر ضمير الشأن لا تحتاج إلى رابط لكونه نفسه ، فلو عطف عليه عطف نسق لشاركه المعطوف في الإخبار عنه بالجملة ، ولزم خلوّ خبر المعطوف عليه من رابط ، وهو ممنوع ، انتهى ، فتأمّل.
ومثل المصنّف للأحكام المذكورة بقوله : «نحو : هو الأمير راكب ، وهي هند كريمة» ، مثالان لما عمل فيه الابتداء ، والضمير في الأول مذكّر ، وفي الثاني مؤنّث ، «وإنّه الأمير راكب» مثال لما عمل فيه الناسخ ، وهو أنّ ، ومثله قوله [من البسيط] :
__________________
(١) سقط «ومضمون الجملة» في «ح».