فلا وهم ، ولا غلط ، وإن أراد به من يقول بأنّه راجع إلى الشأن الملفوظ به أو القصّة الملفوظ بها فليس من الناس.
«ويحسن تأنيثه» أي تأنيث الضمير المذكور مع المؤنّث ، كما يحسن تذكيره مع المذكّر «إن كان المؤنّث فيهما» أي في الجملة المفسّرة له «عمدة» ، نحو : هي هند الملحية ، بخلاف ما إذا كان فضلة ، فلا يحسن أنّها بنيت غرفة ، أو كالفضلة ، فلا يحسن أنّها كان القرآن معجزه ، وذلك لأنّ الضمير مقصود مهم ، فلا يراعي مطابقته للفضلة ، لكنّه مع ذلك جائز بتأويل القصة قياسا ، ولم يسمع. وإنّما قال : يحسن تأنيثه ، لأنّه وإن كان في الظاهر راجعا إلى المؤنّث المذكور في الجملة ، لكنّه في الحقيقة راجع إلى المتعقّل في الذهن ، كما مرّ ، فحسن تانيثه مراعاة للظاهر.
هذا مذهب البصريّين ، وأوجب الكوفيّون تذكيره مع المذكّر وتأنيثه مع المؤنّث ، يدفعه قول العرب : إنّه أمة الله ذاهبة ، وقراءة : أولم تكن آية أن يعلمه [الشعراء / ١٩٧] ، بالفوقية ، فإنّ الاسم أن يعلمه وهو مذكّر ، كذا قيل ، ووقع للدمامينيّ في شرح التسهيل أنّ ضمير الشأن لا يفسّر بأنّ وصلتها ، فينبغي تحقيق ذلك.
تنبيه : يجرى مجرى المؤنّث في الحكم المذكور مذكّر شبّه به ، نحو : إنّها قمر جاريتك ، وفعل بعلامة تأنيث ، نحو : (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ) [الحج / ٤٦] ، ولا عبرة بمؤنّث شبّه به مذكّر ، فلا يحسن أنّها شمس وجهك ، ولا بتأنيث فاعل فعل بلا علامة التأنيث ، فلا يحسن أنّها قام جاريتك.
ويبرز الضمير المذكور مبتدأ واسم ما ومنصوبا في باب إنّ وظنّ ، وقد يستتر في باب كان وكاد ، ولا يعمل فيه إلا الابتداء على خلاف فيه ، فمنعه الفرّاء وأبو الحسن وجوّزه النّحويّون.
قال أبو حيّان : ومنعه غريب مع كثرته في كلام الله تعالى ، أو أحد نواسخه كأنّ وظنّ وأخواتهما ، ومنع بعضهم عمل ما المشبهة بليس فيه ، وبعضهم عمل كاد ، والأصحّ عملها كقوله [من الطويل] :
٤٧١ ـ وما هو من يأسو الكلوم وتتّقي |
|
به نائبات الدّهر كالدّائم البخل (١) |
وكقراءة حمزة وحفص : (مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ) [التوبة / ١١٧] ، بالمثنّاة من تحت ، وحينئذ يتعيّن أن يكون في كاد ضمير الشأن ، وقلوب فاعل ، ولا يجوز أن يكون فاعلا لكاد لما يلزم من جواز القلوب يزيغ ، وبابه الشعر.
__________________
(١) لم يسم قائله. اللغة : يأسو : يصلح ، الكلوم : جمع الكلم : الجرح.