وهي المجرّدة من الكاف واللام ، ووسطى ، وهي الّتي بالكاف وحدها ، وبعدى ، وهي المقرونة بهما في غير المثنّى وبالنون المشدّدة في المثنّى كما ذكرنا.
فعلى هذا للواحد المذكّر القريب ذا ، وللمتوسط ذاك ، وللبعيد ذلك ، وللمثنى القريب ذان رفعا ، وذين نصبا وجرّا ، وللمتوسّط ذانك وذينك بتخفيف النون. وأمّا بتشديدها فللبعيد ، ولجمعه القريب أولى ، وللمتوسط أولئك وللبعيد أولالك بالقصر ، وقس على ذلك المؤنّث. هذا مذهب الجمهور ، وقضيته أنّ القصر في أولا يتعيّن في البعد ليدخل اللام ، ويبطله ما مرّ من أنّ القصر لغة تميم ، والمدّ لغة الحجازيّين ، فتأمّل.
وذهب جماعة إلى أن ليس لها إلا مرتبتان قربى وبعدى. قال ابن مالك : وهو الصحيح ، والظاهر من كلام المتقدّمين ، وعزاه غيره إلى سيبويه والمحقّقين ، واستدلّ له في شرح التسهيل بأوجه أقواها أنّ الفرّاء روى أنّ الحجازيّين ليس من لغتهم استعمال الكاف بلا لام ، وأنّ التميميّين ليس من لغتهم استعمال الكاف مع اللام ، وأنّ تميما يقولون : ذاك وذيك ، حيث يقول الحجازيّون : ذلك وتلك ، فلزم من هذا أنّ اسم الإشارة على اللغتين ليس له إلا مرتبتان : إحداهما للقريب ، والأخرى للبعيد لأدناه وأقصاه. قال الدمامينيّ : وهذا إيضاح لا مزيد عليه ، وعلى هذا فتشديد النون في ذانّ وتانّ عوض عمّا حذف من المفرد.
الثاني : قد يشار إلى القريب بما للبعيد لعظمة المشير ، نحو : (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى) [طه / ١٧] ، أو المشار إليه نحو : (ذلِكَ الْكِتابُ) [البقرة / ٢] ، أو لتحقيره نحو ذلك اللعين. وقد يشار إلى البعيد بما للقريب لحكاية الحال ، نحو : (هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ) [الإسراء / ٢٠] ، و (هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ) [القصص / ١٥] ، وقد يتعاقبان مشارا بهما إلى ما ولياه كقوله تعالى متّصلا عيسى (ع) : (ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ) [آل عمران / ٥٨] ، ثمّ قال : (إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُ) [آل عمران / ٦٢].
تتمّة : وضعوا للإشارة إلى الأمكنة ألفاظا خاصّة بها بخلاف ما تقدّم ، فإنّها تقع لكلّ مشار إليه زمانا أو مكانا أو غيرهما ، فوضعوا للمكان القريب هنا وهاهنا ، وللمتوسّط هناك وها هناك ، والبعيد هنالك وهنّا بتشديد النون مع فتح الهاء وكسر الهاء ، وقد تلحق بها التاء ساكنة فيقال : هنت وثمّ بفتح الثاء المثلثة وتشديد الميم ، وبنيت على الفتح للتخفيف ، ولم تكسر على أصل التقاء الساكنين لاستثقال الكسرة مع التضعيف. قال الدمامينيّ : وأنظر ثمّ في قول العلماء ، ومن ثمّ كان كذا هل معناها معنى هنالك أو هنا الّتي للقريب ، والظاهر الثاني ، انتهى.