ومثال كي : (لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ) [الأحزاب / ٣٧] ، أي لعدم كون حرج على المؤمنين. وجئت كي تكرمني ، أي لكرامتى ، ولا حاجة إلى تقدير اللام قبلها ، لأنّ معناها السببيّة دائما عند المصنّف تبعا للكوفيّين ، كما سيأتي بيانه في نواصب المضارع.
وأمّا البصريّون فيقولون : إن قدّرت اللام قبلها فهي المصدريّة ، وإن لم تقدّر اللام فهي تعلى لية جارّة ، ويجب حينئذ إضمار أن بعدها. ومثال لو : (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ) [البقرة / ٩٦] ، أي التعمير. ويقول المانعون : لورودها مصدريّة أنّها شرطيّة ، وإنّ مفعول يودّ وجواب لو محذوفان ، والتقدير يودّ أحدهم التعمير لو يعمّر لسرّه. ولا خفاء بما فيه من التكلّف.
تنبيهات : الأوّل : يغلب وقوع لو هذه بعد ودّ أو يودّ ونحوهما من مفهم تمنّ كأحبّ وتمنّي ، ولهذا ينصب الفعل بعدها كما ينصب في جواب ليت ، قال [من الطويل] :
٤٨٨ ـ سرينا إليها في جموع كأنّها |
|
جبال شرورى لو تعان فتنهدا (١) |
أي وردنا لو نعان ، فحذف الفعل لدلالة لو عليه.
ومن وقوعها في غير الغالب بدون ما ذكر قول قتيلة ، بالتصغير ، بنت النضر بن الحارث ، وقد قتل النبيّ (ص) أخاها صبرا فأنشدته [من الكامل] :
٤٨٩ ـ أمحمّد ولأنت نجل نجيبة |
|
من قومها والفحل فحل معرق |
ما كان ضرّك لو مننت وربّما |
|
منّ الفتى وهو المغيظ المحنق (٢) |
فقال (ع) : لو سمعته ما قتلته ، ومنه قول الأعشي [من البسيط] :
٤٩٠ ـ وربّما فات قوما جلّ أمرهم |
|
من التأنّي وكان الحزم لو عجلوا (٣) |
الثاني : أشار المصنّف بقوله : «والمشهور خمسة» إلى أنّ الموصول الحرفيّ في غير المشهور أكثر من خمسة ، فمنهم من عدّه ستّة بإدخال الّذي على ما قاله يونس والفرّاء والفارسيّ ، وارتضاه ابن خروف وابن مالك وابن هشام ، فقد ذهبوا إلى أنّها تقع مصدريّة ، وتوصل بالماضي أو المضارع ، وجعلوا منه قوله تعالى : (ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ) [الشوري / ٢٣] (وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا) [التوبة / ٦٩] ، أي تبشير الله و
__________________
(١) لم يسمّ قائله. اللغة : سرينا : ذهبنا ليلا ، جبال شرورى : اسم موضع ، تنهّد : تبرز وترفع.
(٢) اللغة والإعراب : محمد منادي نوّن ضرورة ، النجب : الولد ، الفحل : الذكر القوي من كل حيوان ، والمعنى هنا : أنت كريم الطرفين ، ما : تحتمل الإستفهام والنفي ، المغيط : اسم المفعول من الغيظ بمعنى الغضب ، المحنق : الّذي تمكن في قلبه الغيظ.
(٣) ينسب هذا البيت إلى الأعشي وإلى القطامي يمدح بها عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك بن مروان.