ذلك ، فإنّ الإشاريّة تكتب بواو ، وهذه تكتب بلا واو كما عرفت ، وذلك كاف في الفرق.
«والّذين» بالياء «مطلقا» في الأحوال الثلاثة ، أي سواء كان مرفوع المحلّ أو منصوبه أو مجروره ، ويرسم بلام واحدة فرقا بينه وبين المثنّى في حال النصب أو الجرّ ، لئلّا يشتبها خطأ ، ولم يعكس ، لأنّ المثنّى سابق ، فيبقي على أصله من اجتماع اللامين «لجمع المذكّر» العاقل كثيرا فيهما ، ولغيره قليلا ، فمن الكثير في الإلى قوله [من الطويل] :
٤٩٦ ـ رأيت بني عمّي يخذ لونني |
|
على حدثان الدّهر إذ يتقلّب (١) |
وقوله [من الطويل] :
٤٩٧ ـ أبي الله للشّمّ الألاء كأنّهم |
|
سيوف أجاد القين يوما صقالها (٢) |
وقوله [من الوافر] :
٤٩٨ ـ نحن أولى ضربنا رأس حجر |
|
بأسياف مهندّة صقال (٣) |
ومن القليل فيها قول الآخر [من الطويل] :
٤٩٩ ـ يذكرني للوصول أيّامنا الأولى |
|
مررن علينا والزمان وريق (٤) |
ومن الكثير في الّذين قوله تعالى : (قالَ الَّذِينَ آمَنُوا) [الشوري / ٤٥] ، ومن القليل قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ) [الأعراف / ١٩٤]. وهذيل وعقيل ـ كما في الهمع ـ يعرّفونه كالزيدين كقوله [من الرجز] :
٥٠٠ ـ نحن الّذون صبّحوا الصباحا |
|
يوم النّخيل غارة ملحاحا (٥) |
قال بعضهم : وإذا أعرب كان رسمه بلامين ، وقد تحذف نونه حينئذ مرفوعا كقوله [من البسيط] :
٥٠١ ـ قومي اللّذو بعكاظ طيّروا شررا |
|
من رؤوس قومك ضربا بالمصاقيل (٦) |
__________________
(١) هو لعمرو بن أسد الفقعسي. اللغة : حدثان الدهر : نوائبه وحوادثه.
(٢) هو لكثير عبد الرحمن وهو معروف بكثير عزة. اللغة : الشمّ : جمع أشم ، مأخوذ من الشمم ، وهو استواء قصبة الأنف مع ارتفاع يسير في أرنبته ، والعرب تعدّ ذلك من علامات السؤدد في الرجال ، القين : الحداد.
(٣) هو لبشر بن أبي حازم. اللغة : أسياف : جمع قلة لسيف ، والشاعر إن أراد أن يفتخر بقوله يجب أن يقول بسيوف لأنّه جمع كثرة ، مهندة : السيوف المطبوعة من حديد الهند.
(٤) هو لمجنون ليلي ، اللغة : الوريق : حسن ، جميل.
(٥) اختلف في نسبة هذا البيت إلى قائله اختلافا كثيرا ، ونسب إلى رجل جاهلي من بني عقيل. ونسب أيضا إلى ليلي الأخيلية وإلى رؤبة بن العجاج. اللغة : صبحوا : معناه جاؤوا بعددهم وعددهم في وقت الصباح مباغتين للعدو ، النخيل : اسم مكان بعينه ، غارة : اسم من الإغارة على العدو ، ملحاحا : أراد أنّها غارة شديدة تدوم طويلا.
(٦) هو لأمية بن الأسكر. اللغة : عكاظ : قال أبو عبيدة في «معجم ما استعجم» عكاظ : صحراء مستوية لا علم فيها ، الشرر : أمّا جمع شررة ، وهو ما يتطاير من النار ، وأمّا مصدر شرّ : نقيض الخير ، مصاقيل : جمع مصقول ، من الصقل وهو جلاء الحديد وتحديده ، أي جعله قاطعا.