الجمع عن كونها إعرابا ، ويقابل المختار ما ذهب إليه ابن كيسان وابن درستويه من أنّه مبنيّ مركّب مع العقد كسائر أخواته واختلافه في الأحوال الثلاثة كاختلاف ذان وذين واللذان واللذين ، وردّ بأنّه لو كان مبنيّا لزم الياء ، لأنّها نظير الفتحة في الواحد ، ولهذا قالوا : لا يدين لها لك.
تنبيهات : الأوّل : استعمل جوازا كخمسة عشر مبنيّة الجزأين ظروف ، نحو : هو يأتينا يوم يوم وصباح مساء وحين حين ، أي يوما فيوما وصباحا فمساء وحينا فحينا ، وأحوال نحو : هو جاري بيت بيت ولقيته كفّة كفّة ، وأخبرته صحرة بحرة ، أي ملاصقا بيتي لبيته ، ولقيته متواجهين ذوي كفّة منه وكفّة منّي ، كان كلّا منهما كان يكفّ صاحبه عن التوإلى ، وأخبرته كاشفا للخبر ذا صحرة أي انكشاف ، وبحرة أي اتّساع ، أي في غير مضيق ، والصحرة من الصحراء والبحرة من البحر.
وقد تضاف صدور هذه الظروف والأحوال إلى أعجازها ، فيكون المعنى فيها هو يأتينا يوما بعد يوم وصباحا بعد مساء وحينا بعد حين ، وهو جاري ذا بيت مع بيت أو عند بيت ، ولقيته ذا كفّة مع كفّة أو بعد كفّة وأخبرته صحرة مع بحرة.
فإن خرجت عن الظرفيّة والحالية ، وجبت الإضافة ، وامتنع التركيب ، قال [من الوافر] :
٥٣١ ـ ولو لا يوم يوم ما أردنا |
|
جزاءك والقروض لها جزاء (١) |
واستعمل كخمسة عشر وجوبا أحوال لازمة للحالية ، كتفرّقوا شغربغر وشذر مذر ، بفتح فاء الكلمات وكسرها ، وخذع مذع ، بكسر الفاءين ، كلّها بمعنى منتشرين ، وسقط بين بين ، أي بين الحيّ والميّت ، وبين الثانية زائدة ، لأنّ بين تقتضي شيئين ، وعلّة البناء في ذلك كلّه تضمّن معنى حرف العطف.
قال الرضيّ : ولم يسمع في هذه المركّبات الإضافة كما سمعت في المذكورة ، قيل : مع أنّه يمكن أن لا يقدّر فيها أيضا حرف العطف كما في الأولى ، انتهى.
ويمكن أن يتحمّل لوجه ذلك أنّ تلك لمّا لم تكن لازمة للظرفيّة والحالية ، بل قد تخرج عنها ، كما تقدّم ، حملت على حالة خروجها عنها فأضيف مع كونها أحوالا وظروفا ، وأمّا هذه فلازمة للحالية ، ليس لها حالة غيرها فتحمل عليها.
__________________
(١) هو للفرزدق. اللغة : القروض : جمع قرض وأصله ما تدين به غيرك من المال ، ويراد به كل ما تقدّم له برّ وصلة.