قال ابن الحاجب في شرح المفصّل : لو قيل : إنّه معرب على أصله منصوب على الحال ، إلا أنّهم سكّنوا الياء من أيدي وبادي تخفيفا لما جرى في كلامهم كثيرا ، فصار كالأمثال كما كان ذلك في قولهم : أعط القوس باريها ، لكان أقرب إلى الصواب ، إلا أنّهم أرأدوا إسكان الأوّل ، وهو في موضع نصب ، ورأوا صورة التركيب ، حكموا بالبناء ، والّذي يمكن أن يقال من حجّتهم في تمشيته : إنّه كثر استعمالهم أيدي سباء في التفرّق الكثير ، وبادي بدا في الأوّل ، حتى صار معنى المضاف والمضاف إليه نسيا منسيّا ، فلا يفهم من أيدي سبا إلا متشتّتين ، ولا من بادي بدي إلا أوّل ، فكان بمترلة بعلبك في الدلالة على مدلوله من غير نظر إلى تفضيل اللفظين ، فشبّه ببعلبك في أنّ الأوّل كالجزء فوجب بناؤه ، انتهى.
وما حكم به من كونه بمترلة بعلبك هو ما قاله الزمخشريّ ، وجعله سيبويه بمترلة خمسة عشر. قال الرضيّ : وهو الأولى ، وإن كان على جهة التشبيه لا لتضمّن الثاني حرفا مثله ، ولو كان الأمر على ما قال الزمخشريّ لوجب إدخال التنوين في بادي وبدي ، لأنّ فيهما تركيبا بلا علميّة ، ولم يسمعا منوّنين ، ولوجب تنوين سبأ ، لأنّه اسم رجل وليس اسم قبيلة ، انتهى.
وصرّح ابن الحاجب في شرح المفصّل بأنّ من عدّ بادي بدا وأيدي سبا من المركّب المبنيّ ، جعل الجزء الثاني منه معربا ، والأوّل مبنيّا كمعدي كرب وبعلبك ، ولم يعترض لاسقاط التنوين.
قال بعضهم : ويمكن أن يكون إسقاطه للتخفيف لطوله ، ولما جرى في كلامهم كثيرا ، وقد ثبت حذفه في غير هذا الباب لهذه العلّة نحو قولهم : جاءني زيد بن عمرو ، لأنّه مبنيّ.