الأخرى ، وهو ضعيف ، لأنّ المضاف والمضاف إليه كذلك ، الثانية : إضافة الأوّل إلى الثاني فيتأثّر الأوّل بالعوامل ما لم يعتلّ ، فإن اعتلّ كان في جميع أحواله (١) ساكنا للثقل بالتركيب والإعلال ، وللثاني حينئذ ما له مفرد من الصرف ومنعه ، فموت من حضرموت مصروف وهرمز من رام هرمز ممنوع.
قال الرضيّ : وبعضهم لا يصرف المضاف إليه وإن كان منصرفا قبل التركيب اعتدادا بالتركيب الصوريّ كما اعتدّ به في إسكان ياء معدي كرب ، وهو ضعيف مبنيّ على وجه ضعيف ، أعني الإضافة ، أمّا ضعفه فلأنّ التركيب الإضافيّ غير معتدّ به في منع الصرف ، وأمّا الإضافة فلأنّها ليست حقيقيّة ، بل شبيهة بالإضافة من حيث اللفظ ، ولو كانت الإضافة حقيقيّة لأنتصب ياء معدي كرب في النصب ، انتهى. وقد ذهب بعضهم إلى فتحها في النصب ، وإسكانها في الرفع ، والجرّ كقاضي القوم ، ولا يرد شيء من ذلك على قضية كلام المصنّف (ره) لما علمت.
والثالث : عدّوا من المركّب المبنيّ قولهم : افعل هذا بادي بدي ، وبادي بدا وذهبوا أيدي سبا ، وهو مشكل ، فإنّ أصل بادي بدى بادي بديئ بوزن بديع ، فخفّفت بأن طرحت همزة بديي وبأن قلبت همزة بادي ياء مفتوحة ، واسكنت الياء ، فوزن بدي بعد الحذف فعي ، وأصل بادي بدا بادي بداء كصباح ، فصنع بهمزة بادي ما تقدّم ، وحذفت همزة بداء.
ومعناهما أوّل ، مبتدأ من بدأ يبدأ بمعنى الابتداء ، وقيل : من بدا يبدو ، وإذا ظهر فهما في الأصل مضاف ومضاف إليه ، والمضاف منهما منصوب على الحال ، وليس فيهما إلا تخفيف الهمزة من آخرهما ، والإسكان في آخر الاسم ، وتخفيف الهمزة وإسكان الآخر لا يوجبان البناء ، ألا ترى أنّك لو خفّفت ، وقلت في مبتدإ : مبتدي وفي بدأ بدي ، لم يختلف في أنّه باق على إعرابه ، وإنّما غايته إن كان معربا لفظا فصار معربا تقديرا.
وكذلك أيدي سبا ، المعنى ذهبوا مثل أيدي سباء بن يشجب في تفرّقهم وتبدّدهم في البلاد ، حين أرسل الله عليهم سيل العرم ، والأيدي كناية عن الابناء والأسرّة ، لأنّهم في القوّة والبطش بهم بمنزلة الأيدي ، فحذف المضاف ، وأعرب المضاف إليه ، وهو أيدي إعرابه ، ثمّ حفّفت الهمزة من سباء وسكنت الياء في أيدي للتخفيف ، وذلك لا يوجب البناء.
__________________
(١) سقط في جميع أحواله في «ح».