فإن كان لنكرة اشترط في جوازه القطع تأخّره عن نعت آخر اختيارا كقول أبي الدردا (١) : نزلنا على خال لنا ذو مال وذو همة. وإن لم يتأخّر عن نعت آخر لم يجز القطع إلا في الشعر.
وإن تعدّدت المنعوت لواحد فإن تعيّن مسمّاه بدونها اتبعت كلّها ، أو قطعت أو اتبع بعض ، وقطع بعض بشرط تقديم المتبع كقولها [من الكامل] :
٥٣٨ ـ لا يبعدن قومي الّذين هم |
|
سمّ العداة وآفة الجزر |
النازلون بكلّ معترك |
|
والطّيّبون معاقد الأزر (٢) |
يروى برفع النعتين ونصبيهما ، ورفع الأوّل ونصب الثاني وبالعكس.
تنبيه : إذا قطع النعت خرج عن كونه نعتا ، قاله ابن هشام ، وإطلاق النعت عليه مجاز من باب إطلاق الشيء على ما كان عليه.
الخامسة : يجوز تعاطف النعوت متبعة كانت أو مقطوعة ، قال أبو حيّان : ويختصّ بالواو ، نحو : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى* الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى* وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى) [الأعلى / ١ و ٢ و ٣] ، إلى آخره ، ولا يجوز بالفاء إلا إذا دلّت على إحداث واقع بعضها أثر بعض كقوله [من البسيط] :
٥٣٩ ـ يا لهف زيابة للحارث ال |
|
... ابح فالغانم فالآئب (٣) |
أي الّذي صبح فغنم فآب.
قال ابن خروف إذا كانت النعوت مجتمعة على المنعوت في حالة واحدة لم يكن العطف إلا بالواو ، وإلا جاز بجميع حروف العطف إلا حتى وأم.
السادسة : قد تلا النعت «إمّا» أو «لا» لإفادة شكّ أو تنويع أو نحوهما ، فيجب تكرارهما مقرونين بالواو ، نحو : لا بدّ من حساب إمّا يسير وإمّا عسير ، وكقوله تعالى : (مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) [النور / ٣٥] ، وقيل : لا يجب التكرار.
السابعة : يجوز حذف المنعوت بكثرة إن علم ، وكان النعت إمّا مفردا صالحا لمباشرة العامل ، نحو : (وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ* أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ) [سبأ / ١٠ و ١١] ، أي دروعا
__________________
(١) أبو الدرداء (ت ٣٢ ه) صحابيّ خزرجيّ أنصاري من رواة الحديث. المنجد في الأعلام ص ١٨.
(٢) هما للخرنق بنت هفّان. اللغة : العداة : جمع العادي أي : العدو ، الآفة : العلة ، الجزر : جمع جزور ، وهي الناقة الّتي تنحر ، المعترك : موضع القتال ، الطيبون : أرادت إنهم أعفّاء في فروجهم ، المعاقد : إمّا جمع معقد ، وهو موضع العقد ، والجمع مقعد ، وهو مصدر ميميّ ، الأزر : جمع الإزار : ثوب يحيط بالنصف الأسفل من البدن «يذكّر ويؤنّث.»
(٣) هو من أبيات لابن زيابة واسمه مسلمة بن زهيل. اللغة : الصابح : المغير صحابا ، الغائم : أخذ الغنم ، الأئب : فاعل من الإياب بمعنى الرجوع.