الكلام معلّق إلى أن تقول ظلم ، فيتمّ الكلام ، فاستحسنه الواثق ، ثمّ أمر لي بألف دينار ، قال أبو العباس : فلمّا عاد إلى البصرة ، قال لي كيف رأيت يا أبا العباس رددناه لله مائة ، فعوّضنا ألفا ، انتهى ملخصا.
تنبيهات : الأوّل : قال العينيّ : قائل البيت المذكور الحارث بن الخالد بن العاص بن هشام المخزوميّ ، وما قاله الحريري أنّه للعرجيّ ليس بصحيح ، قال : والصواب ظليم ترخيم ظليمة ، وهو اسم أمّ عمران المذكورة في أوّل القصيدة.
الثاني : ما حكاه من أنّ المعارض للمازنيّ هو إلى زيديّ ذكره غيره أيضا ، وفيه نظر ، لأنّ إلى زيديّ الإمام أبا محمد كان يؤدّب المأمون الرشيد ، وتوفّي سنة اثنتين ومأتين على ما أرّخه ابن خلّكان والسيوطيّ في المزهر ، والواثق تولّي بعد موت أبيه المعتصم سنة سبع وعشرين ومأتين ، قال الصلاح الصفديّ : ولعلّ إلى زيديّ المذكور في هذه القصّة أحد أولاده ، فإنّهم خمسة ، كلّهم علماء أدباء شعراء رواة الأخبار ، انتهى.
وفي السراج والّذي رأيته في كتاب البصائر لأبي حيان التوحيديّ أنّ المعارض للمازنيّ في ذلك هو يعقوب بن السكيت وهذا هو الأقرب ، انتهى.
والّذي يؤيّد أنّ المعارض يعقوب ابن السكّيت ما ذكره أبو الطيب اللغويّ في مراتب النّحويّين أنّه شجريين محمد بن عبد الملك الزيات وأحمد بن أبي داود في هذا البيت ، فقال محمد : إنّ مصابكم رجلا ، وقال أحمد : رجل ، فسألا عنه يعقوب بن السكيت ، فحكم لأحمد بن أبي داود عصبيّة لا جهلا.
الثالث : قال الدمامينيّ في التحفة يمكن أن يراد على تقدير رفع الرجل في البيت معنى صحيحا ، ولا فساد ألبتّة ، وذلك بأن يجعل المصاب اسم مفعول لا مصدر ، وهو اسم إنّ ، ويرفع رجل على أنّه خبرها ، وأهدي السّلام تحيّة جملة في محلّ رفع على أنّها صفة رجل ، وقوله : ظلم على أنّه خبر مبتدأ محذوف ، أي هذا ظلم ، ويمكن أن يجعل صفة أخري لرجل على وجه المبالغة ، أي مظلوم كالدراهم ضرب الأمير ، فيحصل للبيت بما ذكرناه معنى يترقرق به أسارير وجهة من أمور الصحّة ولا يلمّ بساحته طارق فساد.