«أو» معرّفا «بأل ، أو مضافا» ، وإنّما وجب استعماله على أحد هذه الاوجه ، لأنّ وصفه لتفضيل الشيء على غيره ، فلا بدّ فيه من ذكر الغير الّذي هو المفضّل عليه ، وذلك مع من ، والإضافة ظاهر ، وأمّا مع «ال» فلأنّها للعهد ، يشار بها إلى معيّن متلّبس بتعيين المفضّل عليه مذكور قبله أو حكما ، كما إذا قلت : عندي شخص أفضل من زيد ، ثم قلت : عمرو الأفضل ، أي الشخص الّذي قلت : إنّه أفضل من زيد هو عمرو.
تنبيه : محلّ وجوب استعماله بأحد الثلاثة إذا لم يكن معدولا كما في آخر واسما كالدنيا والجلّى للخطة العظيمة خارجا عن معناه كاخر بمعنى غير.
«فالأوّل» وهو المستعمل بمن «مفرد مذكر دائما» ، سواء كان لمفرد أم لغيره ولمذكّر أم لغيره «نحو» زيد أو «هند أو الزيدان» أو الهندان أو الزيدون أو الهندات «أفضل من عمرو» وذلك لكراهتهم إلحاق أداة التثنية والجمع المختصّة بالأخر فيما هو في حكم الوسط باعتبار امتزاجه بمن التفضيليّة ، لأنّها الفارقة بينه وبين باب أحمر ، فكانت كتمام الكلمة ، وقيل : لمشابهته لفظا ومعنى لأفعل التعجّب الّذي هو فعل غير متصرّف ، أمّا لفظا فظاهر ، وأمّا معنى فلأنّه لا يتعجّب من شيء إلا وهو مفضّل ، ولهذا اشترطوا فيما يبنى منه أفعل التفضيل ما يشترط في بناء أفعل التعجّب فلمّا أجروه مجراه لفظا ومعنى أفردوه ، كما أفردوا (١) الفعل.
«وقد تحذف من» مع مجرورها إذا علم المفضول ، «نحو» قوله تعالى : «اللهِ أَكْبَرُ (٢)» * ، أي من كلّ شيء ، وقوله : (وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً) [الإسراء / ٢١] ، أي من الدنيا ، وقول الشاعر [من الكامل] :
٦٤٣ ـ إنّ الّذي سمك السّماء بنى لنا |
|
بيتا دعائمه أعزّ وأطول (٣) |
وقد جاء الحذف والإثبات في قوله تعالى : (أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً) [الكهف / ٣٤] ، أي منك ، وأكثر ما يحذف إذا كان أفعل خبرا في الحال كما مرّ ، أو في الاصل ، نحو : كان زيد أفضل ، ويقلّ إذا كان حالا كقوله [من الطويل] :
٦٤٤ ـ دنوت وقد خلناك كالبدر أجملا |
|
... (٤) |
أي دنوت أجملا من بدر البدر ، أو صفة كقوله [من السريع] :
__________________
(١) سقط «كما أفردوا» في «ح».
(٢) ليس «الله اكبر» بصورة المبتدإ والخبر آية من القرآن الكريم.
(٣) هو للفرزدوق. اللغة : سمك : رفع : البيت ، أراد به بيت المجد والشرف ، الدعائم : جمع دعامة وهي في الأصل ما يسدّ به الحائط إذا مال ليمنعه السقوط.
(٤) تمامه «فظلّ فؤادي في هواك مضللا» ولم يسّم قائلة. اللغة : دنوت : قربت ، خلناك : ظننا شأنك كذا.