٦٤٥ ـ تروّحي أجدر أن تقيلي |
|
... (١) |
أي تروحي ، وأتى مكانا أجدر من غيره بأن تقيلي فيه.
وزعم الرمانيّ أنّ الحذف لا يجوز إلا في الخبر ، وأجازه البصريّون إذا كان فاعلا ، نحو : جاءني أفضل ، أو اسم إنّ ، نحو : إنّ اكبر الله ، ومنعه الكوفيّون.
تنبيهات : الأوّل : لا يتعيّن في نحو : الله اكبر ، ودعائمه أعزّ وأطول أن يكون المحذوف من مع مجرورها ، بل يجوز أن يقال : إنّ المحذوف هو المضاف إليه ، أي أكبر كلّ شيء ، وأعزّ دعامة ، ولم يعوّض منه التنوين لكون أفعل غير متصرّف ، فاستبشع ذلك.
الثاني : يجب أن يكون المجرور بمن التفضيليّة مشاركا للمفضّل في المعنى إمّا تحقيقا ، نحو : زيد أحسن من عمرو ، أو تقديرا كقول على (ع) : لأن أصوم يوما من شعبان أحبّ إلى أن أفطر يوما من رمضان (٢). لأنّ إفطار يوم الشكّ الّذي يمكن أن يكون من رمضان محبوب عند المخالف فقدّره (ع) محبوبا إلى نفسه أيضا ، ثمّ فضّل صوم شعبان عليه ، فكأنّه قال : هب أنّه محبوب عندي أيضا ، أليس صوم يوم من شعبان أحبّ منه.
وقال (ع) : أللهمّ أبدلني بهم خيرا منهم (٣) ، أي في اعتقادهم وأبدلهم بي شرّا منّي ، أي في اعتقادهم أيضا ، وإلا فلم يكن فيهم خيرا ولا فيه (ع) شرّ ، ومثله قوله تعالى : (أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا) [الفرقان / ٢٤] ، كأنّهم لمّا اختاروا موجب النار اختاروا النار.
ويقال في التهكّم : أنت أعلم من الحمار ، فكأنّك قلت : إن أمكن أن يكون للحمار علم ، فأنت مثله مع زيادة ، وليس المقصود بيان الزيادة ، بل الغرض التشريك بينهما في شيء معلوم انتفاؤه عن الحمار.
وأمّا نحو قولهم : أنا أكبر من الشعر ، وأنت أعقل من أن تقول كذا ، فليس المراد تفضيل المتكلّم على الشعر والمخاطب على القول ، بل المراد بعدهما عن الشعر والقول. وأفعل التفضيل يفيد بعد الفاضل من المفضول وتجاوزه عنه ، فمن في مثله ليست تفضيلية ، بل هي مثل ما في قولك : بنت من زيد ، تعلّقت بأفعل المستعمل بمعنى متجاوز وبائن بلا تفضيل ، فمعنى قولك : أنت أعزّ على من أن أضربك ، أي بائن من أن أضربك من فرط عزّتك على ، وإنّما جاز ذلك ، لأنّ من التفضيليّة متعلّقة بأفعل التفضيل بقريب
__________________
(١) تمامه «غدا بجنبي بارد ظليل» وهو مجهول القائل. اللغة : تروّحي : من تروّح : سار في العشيّ ، أو عمل فيه ، أن تقيلي : من قال ـ قيلا أي : نام وسط النهار ، الظليل : ذو الظل.
(٢) الشيخ الحرّ العاملي ، وسائل الشيعة ، ج ١٠ ، موسسه آل البيت ، رقم ١٢٧٣٠.
(٣) سنن الترمذي كتاب الدعوات ٨٣.