هذه القاعدة فروعا منها : لو وكّل وكيلين بطلاق زوجته ، فقال أحدهما : فلانة ، يعني الزوجة المذكورة وقال الآخر : طالق. وقال : إن بنيناه على اشتراط اتّحاد الناطق بالكلام لم يقع الطّلاق ، وإلا وقع ، وقد علمت استحالة الوجه الأوّل ، فكيف يبني عليه حكم شرعيّ فتأمّله ، انتهى.
قلت : تأمّلته فوجدته محض تقوّل على الإسنويّ ، فإنّه لم يقل بذلك في كتابه المذكور أصلا ، وهذه عبارته ، قال بعد أن ذكر المسألة ، وصحّح عدم اشتراط ذلك في الكلام : ومن فروعها ما إذا كان له وكيلان بإعتاق عبد أو وقفه أو غير ذلك ، واتّفقا على أن يقول أحدهما : مثلا هذا ، ويقول الثاني : حرّ ، ولا استحضر فيها الآن نقلا ، انتهى.
وكلامه في الكواكب الدّري ينصّه ، ومنه نقلت ، فأين ما نقله من بناء الحكم الشرعيّ على المسألة ، وهل هذا إلا تشنيع بحت؟
«ولا يتأتى» أي لا يحصل الكلام إلا في ضمن «اسمين» ، ولهما أربع صور : مبتدأ وخبر ، كزيد قائم. ومبتدأ وفاعل أو نائب سدّا مسدّ الخبر ، نحو : أقائم الزيدان ، وما مضروب العمران. واسم فعل وفاعل ، نحو : هيهات العقيق ، ملفوظين كان الاسمان كما ذكر ، أو مقدّرين ، كنعم في جواب أزيد قائم ، أو أحدهما مقدّرا كزيد في جواب من ذا؟ أو في ضمن فعل واسم هو فاعله أو نائب عنه ، كقام زيد ، وضرب عمرو ، ملفوظين كانا ، كما ذكر ، أو مقدّرين كنعم في جواب أقام زيد؟ أو أحدهما مقدّرا ، نحو : بلي زيد في جواب لم يقم أحد ، أي لا يتحقّق هذا العامّ إلا في ضمن هذين الخاصّين.
قال بعض المحقّقين : والأنسب جعل «في» بمعنى «عن» (١) ، ووجه عدم تأتّي الكلام إلا فيما ذكر أنّ التركيب العقليّ الثنائيّ بين الثلاثة الأقسام ، لا يعدو أقساما ستّة ، اسمان وفعلان وحرفان واسم وفعل واسم وحرف وفعل وحرف.
فالكلام لا بدّ له من الإسناد ، وهو لا بدّ له من المسند والمسند إليه ، وهما لا يتحقّقان إلا في اسمين ، ليكون أحدهما مسندا ، والآخر مسندا إليه ، أو فعل واسم ليكون الفعل مسندا ، والاسم مسندا إليه.
وأما الأقسام الباقية ففي الفعلين المسند إليه مفقود ، وكذا في الفعل والحرف ، وفي الحرفين المسند والمسند إليه كلاهما مفقود ، وفي الاسم والحرف أحدهما مفقود ، إذ لو
__________________
(١) سقط «عن» في «س».