أمّا للضرورة فلا خلاف في جواز صرفه ، وعدم جواز صرف أفعل منك في الضرورة مذهب الكوفيّين ، قالوا : لأنّ من مع مجرورها كالمضاف إليه ، فلا ينوّن ما هو كالمضاف (١) ، والأصل الجواز ، لأنّ اللكلام في الضرورة ، وبين المضاف وما هو كالمضاف فرق ، قاله الرضيّ.
الخامس : ذهب الكوفيون والأخفش وجماعة إلى جواز منع صرف المنصرف للضرورة ، كما جاز العكس لها ، واختاره ابن مالك وأبو حيّان كقوله [من الكامل] :
٦٧٥ ـ طلب الأزارق بالكتائب إذ هوت |
|
بشيب غائلة النّفوس غدور (٢) |
وأباه سائر البصريّين ، واختاره ثعلب في الكلام مطلقا ، وفصّل بعضهم بين ما فيه العلميّة وغيره ، فأجازه معها لوجود أحد السببين ومنعه مع غيرها ، ويؤيده أنّه لم يسمع إلا في العلم.
فائدة : قال ابن جنيّ في الخصائص : سألت أبا على. هل يجوز لنا في الشعر من الضرورة ما جاز للعرب أو لا؟ فقال : كما جاز أن نقيس منثورنا على منثورهم ، فكذلك يجوز لنا أن نقيس شعرنا على شعرهم ، فما أجازته الضرورة لهم ، أجازته لنا ، وما حظرته عليهم حظرته علينا ، وإذا كان كذلك فما كان من أحسن ضروراتهم ، فليكن من أحسن ضروراتنا ، وما كان من أقبحها عندهم ، فليكن من أقبحها عندنا ، وما بين ذلك ، انتهى.
فهنا انقضى كلام المصنّف (ره) على ما يتعلّق بالأسماء ، فشرع في الكلام على ما يتعلّق بالأفعال فقال :
__________________
(١) سقطت «فلا ينوّن ما هو كالمضاف» في «ح».
(٢) هو الأخطل. اللغة : والازارق : هم الأزارقة ، فرقة من الخوارج وأصحاب نافع بن الأزرق ، شيب : هو ابن يزيد من بني مرّة ، وأحد الثائرين على بني أمية ، غائلة النفوس : شرّها.