المسمّى بالكفّ (١) ، وهو قبيح عندهم ، فدعت الضرورة إلى تنوينه لتحصيل أمر مستحسن ، قاله الدمامينيّ في المنهل. قال بعضهم : والكفّ ليس قبيحا في الطويل متّفق عليه ، فقد ذهب الأخفش إلى أنّه أحسن من القبض (٢) ، انتهى.
وأمّا التناسب فالمراد به تناسب كلمة معه مصروفة ، إمّا بوزن كسبأ بنبأ ، أو قرينه منه ك سلاسلا وأغلالا [الإنسان / ٤] ، أو لا ، ولكن تعدّدت الألفاظ المصروفة ، واقترنت اقترانا متناسبا منسجما ك ودا ولا سواعا لا يغوثا ويعونا ونسرا (٣) [نوح / ٢٣] ، وآخر الفواصل الأسجاع كـ (قَوارِيرَا) [الإنسان / ١٥].
قال جماعة منهم ابن بابشاذ في شرح الجمل وابن عصفور والرضيّ في شرح الحاجبية وابن هشام في الجامع الصغير : لا ينوّن ما فيه الألف المقصورة لعدم الضرورة ، لأنّ التنوين حرف ساكن كالألف ، ولا داعي أن يحذف ساكن ، ويؤتى بدله بمثله ، وردّ بأنّ هذا إنّما يتمّ إن لو كان الساكنان متساوين ، وليس كذلك ، فإن الألف لا تقبل الحركة ، والنون الساكنة تقبلها ، وقد تدعو الضرورة إلى نقل حركة متأخّرة إلى ساكن متقدّم ، لا يتأتّى الوزن إلا به ، فيحذف الألف ، ويؤتى بالتنوين ليتأتّى النقل كما قال الشاعر [من الكامل] :
٦٧٤ ـ علقتها غضبى إن استرضها نفرت |
|
وبدلتني بالإقبال إعراضا (٤) |
الثالث : قال السيوطيّ في شرح الألفية : إذا اضطرّ إلى تنوين مجرور بالفتحة فهل ينوّن بالنصب أو الجرّ؟ صرّح الرضيّ بالثاني ، ولو قيل بالوجهين كالمنادى لم يبعد ، انتهى. قلت : والظاهر أنّه لم يرد بتنوينه بالنصب سماع ، والقياس لا يجدي.
الرابع : قال الأخفش : صرف ما لا ينصرف مطلقا ، أي في الشعر ، وغيره لغة الشعراء ، وذلك أنّهم كانوا يضطرّون كثيرا لإقامة الوزن إلى صرف ما لا ينصرف ، فتمرّنت على ذلك ألسنتهم ، فصار الأمر إلى أن صرفوه في الاختيار أيضا ، وعليه حمل قوله تعالى : سلاسلا وأغلالا و (قَوارِيرَا.)
وقال الكسائي : إنّ صرف ما لا ينصرف مطلقا لغة قوم إلا أفعل منك وأنكر غيرها ، إذ ليس بمشهور عن أحد في الاختيار ، نحو : جاءني أحمد وإبراهيم ونحو ذلك ، و
__________________
(١) الزحاف : هو تغيير يقع على الحرف الثاني من السبب الخفيف أو الثقيل ، وله أنواع منها الكف ، وهو حذف الحرف السابع الساكن ، نحو : فاعلاتن. فاعلات : مفاعيلن. مفاعيل. يحيي معروف ، العروض العربي البسيط ، الطبعة الأولى. سمت ١٣٧٨ ش ، ص ٢٢ و ٢٠.
(٢) القبض : هو حذف الخامس الساكن ، نحو : فعولن ـ فعول ، ومفاعيلن ـ مفاعلن ، المصدر السابق ص ٢١.
(٣) في القرآن (وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ.)
(٤) ما وجدت البيت.