اسما الفاعل والمفعول ، لأنّها وإن كانا لا يعملان إلا مع اشتراط الحال أو إلاستقبال إلا أنّ ذلك الزمان مدلول عملها العارض لا مدلولهما بحسب الوضع الأوّل.
وكذا نحو : القتل والضرب ، فإنّه وإن وجب وقوعه في أحد الأزمنة الثلاثة معيّنا في نفس الأمر ، لكن ذلك الزمان المعيّن لا يدلّ عليه المصدر بحسب الوضع ، وأمّا نحو : الصبوح والغبوق (١) فلم يقترن بزمان معيّن من الأزمنة المذكورة ، وإن اقترن بالزمان ، لأنّ معناهما يصلح لأن يقع ماضيا أو حالا أو مستقبلا ، ولهذا يحتاج إلى تجديد صيغة لإفادة أحدهما كاصطبح (٢) ويصطبح ، ولا ينتقض الحدّ بلفظ الماضي والمستقبل ، لأنّهما يدلّان على نفس الزمان ، والزمان غير مقترن بزمان ، فإذا أريد بهما الفعل الّذي انقضى ، والّذي لم يأت ، فالمعنى ماض زمانه ومستقبل زمانه ، فحذف المضاف ، وأقيم المضاف إليه مقامه فتوهّم أنّه له ، ولو سلم أنّه له ، فالماضي حدث له العدم بعد الوجود ، والمستقبل حدث معدوم له انتظار الوجود ، وليس في مدلول شيء منها زمان معيّن ، بل الزمان المعيّن من لوازم تحقّقهما كالمصادر.
ولمّا حدّ الاسم أخذ يذكر بعض خواصه ليزداد الطالب معرفة به ، فقال : «ويختصّ» الاسم «بالجرّ» أي بدخوله عليه ، لأنّه من خواصّه ، وهو الكسرة الّتي يحدثها العامل في آخره ، سواء كان العامل حرفا أو مضافا ، وخاصّة الشيء اصطلاحا ما يوجد في الشيء ، ولا يوجد في غيره ، فإن وجدت في جميع أفراده فهي خاصّة شاملة ، ثمّ إن لم توجد في شيء من أغياره فهي خاصّة حقيقيّة وإلا فإضافيّة.
هذا هو المشهور ، وقال بعض المحقّقين من شرّاح الكافية خاصّة الشيء عند النحاة ما لا توجد بدون ذلك الشيء (٣) ، ويوجد ذلك الشيء بدونها ، صرّح به المصنّف في شرح المنظومة وغيره ، وما اشتهر من جواز شمولها لجميع أفراد الشيء فهو عند المنطقي ، انتهى.
وأمّا الحدّ فهو المعرّف الجامع المانع ، سواء دلّ على مجرّد الماهية كالحيوان الناطق في تعريف الإنسان ، ويختصّ عند المنطقيّ باسم الحدّ أم لا ، كالحيوان الضاحك في تعريفه ، ويسمّي عنده رسما فإن قلت : الّذي يسبق إلى الفهم من اختصاص شيء بآخر ، هو كونه مقصورا على الآخر ، لأنّ معناه كونه بحيث يختصّ الآخر ، ولا يعمّه وغيره ، فكان عليه أن يقول : ويختص الجرّ بالاسم.
__________________
(١) الصبوح : شراب الصباح والغبوق : ما يشرب بالعشيّ.
(٢) اصطبح : شرب الصّبوح.
(٣) سقط الشئ في «ح».