وهما في تأويل مصدر معطوف بأو على المقدّر قبلها ، فتقدير لانتظرته أو يقدم ، ليكوننّ أو انتظار قدوم. وتقدير لأفتلنّ الكافر أو يسلم ، ليكونن قتله أو إسلامه ، وكذلك العمل في غيرهما ، انتهى.
الثاني : عبّر ابن مالك في الكافية والخلاصة بدل إلى بحتّى ، قال غير واحد : وهو أولى من إلى ، لأنّ لحتّى معينين ، كلاهما يصحّ هنا ، الأوّل الغاية مثل إلى ، والثاني التعليل مثل كي ، فشتمل العبارة نحو : لأطيعنّ الله أو يغفر لي ، فأو هنا لا تصلح لشيء من معنى إلى أو إلا ، بل هي بمعنى كي.
الثالث : ما ذكره من أنّ النصب بأن مضمرة بعد أو هو مذهب الجمهور ، وذهب الكسائيّ إلى أنّ أو المذكورة ناصبة بنفسها ، وذهب الفرّاء ومن وافقه من الكوفيّين إلى أنّ الفعل انتصب بالمخالفة ، والصحيح الأوّل ، لأنّ أو حرف عطف لا عمل لها ، ولكنّها عطفت مصدرا مقدّرا على متوهّم ، ومن ثمّ لزم إضمار أن بعدها.
والثالث : «فاء السببيّة» أي الّتي قصد بها السببيّة ، والجمهور على أنّها حينئذ عاطفة للمصدر المسبوك من أنّ المضمرة بعدها وصلتها على مصدر متصيّد من الفعل المتقدّم ، فتقدير : «زرني فأكرمك» لتكن زيارة منك فإكرام منّي.
واستشكله الرضيّ لأنّ فاء العطف لا تكون للسببيّة ، إلا إذا عطفت جملة على جملة ، نحو : الّذي يطير فيغضب زيد الذباب. واختار هو أن تكون الفاء للسّببيّة دون العطف ، وإنّ ما بعد الفاء مبتدأ محذوف الخبر وجوبا ، التقدير : زرني فإكرامك ثابت.
الرابع : «واو المعيّة» أي الّتي تقع موقعها مع ، وهي ما يجتمع مضمون ما قبلها وما بعدها في زمان واحد ، ويسمّيها الكوفيّون واو الصرف ، والجمهور على أنّها عاطفة ، وخالفهم الرّضيّ ، فقال : إنّهم لمّا قصدوا فيها معنى الجمعيّة ، نصبوا المضارع بعدها ، ليكون الصرف عن سنن الكلام المتقدّم مرشدا من أوّل الأمر إلى أنّها ليست للعطف ، فهي إذن إمّا واو الحال ، وأكثر دخولها على الاسميّة ، فالمضارع بعدها في تقدير مبتدإ محذوف الخبر وجوبا ، فمعنى قم وأقوم ، قم وقيامي ثابت ، أي في حال ثبوت قيامي ، وإمّا بمعنى مع ، أي قم مع قيامي ، كما قصدوا في المفعول معه مصاحبة الاسم للاسم ، فنصبوا ما بعد الواو ، ولو جعلنا الواو عاطفة للمصدر على مصدر متصيّد من الفعل قبله ، كما قال النحاة ، أي ليكن قيام منك ، وقيام منّي ، لم يكن فيه نصوصيّة على معنى الجمع ، كما لم يكن في تقديرهم في الفاء معنى السببيّة ، بل كون واو العطف للجمعيّة قليل ، نحو : كلّ رجل وضعيته ، انتهى.