واحترزت بالمحض من النفي التإلى للتقرير ، نحو : ألم تأتني فأحسن إليك ، إذا لم ترد الاستفهام الحقيقيّ ، لأنّ ذلك يتضمّن ثبوت الفعل ، فيمتنع نصب المضارع في جوابه لعدم تمحّض النفي ، وما ورد منه منصوبا فلمراعاة صورة النفي وإن كان تقريرا ، أو لأنّه جواب الاستفهام وعن النفي المتلوّ بنفي آخر نحو : ما تزال تأتينا فتحدّثنا ، والنفي المنتقض بإلا نحو : ما تأتينا إلا فتحدّثنا ، فيمتنع النصب فيهما أيضا ، بخلاف ما لو كان الانتقاض بعد الفعل ، نحو : ما تأتينا فتحدّثنا إلا في الدار ، ويتفرّع على ذلك ما ، إذا قلت : ما جاءني أحد إلا زيد فأكرمه ، فإن جعلت الهاء لأحد نصبت لتقدّم الفعل على انتقاض النفي ، وإن جعلتها لزيد رفعت لتأخّره عنه.
ويشمل الطلب الأمر والنهي والدعاء والعرض والتحضيض والتمنّي والاستفهام فهو مع الفاء نحو : زرني فأكرمك ، وقوله تعالى : (لا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي) [طه / ٨١] ، وقول الشاعر [من الرمل] :
٧٠٧ ـ ربّ وفّقني فلا أعدل عن |
|
سنن السّاعين في خير سنن (١) |
وقوله [من البسيط] :
٧٠٨ ـ يا ابن الكرام ألا تدنو فتبصرها |
|
قد حدّثوك فما راء كمن سمعا (٢) |
وقولك : هلّا اتّقيت الله فيغفر لك ، وقوله تعالى : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ) [النساء / ٧٣] ، قوله تعالى : (فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا) [الأعراف / ٥٣] ، ومع الواو نحو قول الشاعر [من الوافر] :
٧٠٩ ـ فقلت أدعي وأدعوا أنّ أندي |
|
لصوت أن ينادي داعيان (٣) |
قولك : لا تأكل السمك وتشرب اللبن على معنى لا يكن منك أكل السمك مع شرب اللبن ، فيكون الكلام نهيا عن الجمع بينهما وقوله [من الكامل] :
٧١٠ ـ لا تنه عن خلق وتأتي مثله |
|
عار عليك إذا فعلت عظيم (٤) |
وقس على ذلك. ويشترط في النهي عدم النقض بإلا فلو نقض بما لم يجز النصب ، نحو : لا تضرب إلا عمرا فيغضب ، فيجب في يغضب الرفع ، قاله ابن هشام في شرح الشذور تبعا لسبيويه. وفي الاستفهام أن لا تكون بأداة تليها جملة اسميّة ، خبرها جامد ، فيمتنع النصب في نحو : هل أخوك زيد فأكرمك ، بخلاف هل أخوك قائم فأكرمه.
__________________
(١) لم ينسب البيت لقائل معيّن.
(٢) البيت مجهول القائل.
(٣) اختلف العلماء في نسبه هذا البيت فنسب إلى الأعشى والحطيئه ودثار بن شيبيان النمري ، اللغة : أندي : أفعل تفضيل من الندي ، وهو بعد الصوت.
(٤) البت لأبي الأسود الدؤلي ، أو للمتوكل الكناني.