فيهما بخلاف الجارّ ، وبأنّ تعدّد العمل قد عهد من غير اختلاف كمفعولي ظنّ ومفاعيل أعلم.
وقيل : الشرط مجزوم بالأداة ، والجزاء مجزوم بالشرط ، كما أنّ المبتدأ مرفوع ، بالابتداء ، والخبر مرفوع بالمبتدإ ، قاله الأخفش ، واختاره ابن مالك ، لأنّ الشرط مستدع للجزاء بما أحدثت فيه الأداة من المعنى والاستلزام ، وردّ بأنّ النوع لا يعمل في نفسه ، إذ ليس أحدهما أولى من الآخر ، وإنّما يعمل بمزيّة ، وهو أن يضمّن العامل من غير النوع أو شبهه كعمل الأسماء في الأسماء. وقيل : الشرط والجزاء تجازما كما قال الكوفيّون في المبتدإ والخبر : إنّهما ترافعا : نقله ابن جنيّ عن الأخفش ، وفيه أقوال آخر ، لا نطول بذكرها ، فإنّه خلاف لا ثمرة له ، ولا يترتّب عليه حكم نطقيّ.
وقوله : «ماضيين أو مضارعين» حالان من الشرط والجزاء ، كان ينبغي أن يقول أو «مختلفين» ، فإن كانا ماضيين فالجزم لمحلّهما ، نحو : (وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا) [الأسراء / ١٧] ، وإن كانا مضارعين ، أو كان الأوّل فقط مضارعا والثاني ماضيا فالجزم واجب للفظ المضارع ، فمثال كونهما مضارعين قوله تعالى : (وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ) [الانفال / ١٩] ، (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) [الطلاق / ٢] ، وأمّا قوله [من الرجز] :
٧٣٠ ـ يا أقرع بن حابس يا أقرع |
|
إنّك إن يصرع أخوك تصرع (١) |
فضرورة على الأصحّ ، واختلف في تخريج مثل ذلك فقال المبرّد : إنّه على حذف الفاء مطلقا. وفصّل سيبويه بين أن يكون قبله ما يطلبه ، نحو : إنّك في البيت ، فالأولى أن يكون على التقديم والتأخير ، وبين أن لا يكون ، فالأولى أن يكون على حذف الفاء ، وجوّز العكس. وقيل : إن كانت الأداة اسم شرط فعلى إضمار الفاء ، وإلا فعلى التقديم والتأخير ، وردّ كلّ ذلك بأنّ إضمار الفاء مع غير القول مختصّ بالضرورة ، وإنّ التقديم والتأخير يحوج إلى جواب ، ودعوي حذفه وجعل المذكور دليله خلاف الأصل ، وخلاف فرض المسألة ، لأنّ الفرض أنّه الجواب.
ومثال كون الأوّل فقط مضارعا والثاني ماضيا قوله (ع) : من يقم ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له (٢). وهذا النوع خصّه سيبويه والجمهور بالضرورة. قالوا : لأنّا إذا أعملنا الأداة في لفظ الشرط ثمّ جئنا بالجواب ماضيا ، كنّا قد هيّأنا العامل للعمل ، ثمّ قطعناه عنه وهو غير جائز ، وأجازه الفرّاء في الاختيار ، وتبعه ابن مالك ، وردّ على
__________________
(١) هو لعمرو خثارم البجلي. اللغة : يصرع : مجهول من الصرع بمعنى الطرح على الأرض ، وهنا كناية عن الهلاك.
(٢) تمام الحديث : ما تقدّم من ذنبه ، صحيح بخاري ١ / ٨١ ، رقم ٨١.